ضحايا الرصاص في الشارع

نظم المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف صباح أمس في الرباط مسيرة للمطالبة بالإدماج الاجتماعي لضحايا سنوات الرصاص، أي استكمال جميع ملفات جبر الضرر الفردي.
وتميزت هذه التظاهرة الاحتجاجية الوطنية بانخراط واسع لجمعيات حقوق الإنسان، حيث أن المبادرة قام بها المنتدى بشراكة مع الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان المكون من أزيد من 18 منظمة حقوقية.
لقد نزلت الحركة الحقوقية إذن إلى الشارع لإسماع صوتها إلى السلطات المعنية بشأن وضعيات اجتماعية مزرية لآلاف الضحايا وأسرهم، ما يستدعي تدخلا عاجلا لتفعيل حلول حقيقية لذلك، وبالتالي رد الاعتبار الفعلي لهؤلاء الضحايا وصيانة كرامتهم.
إن غضب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ومنظماتهم التمثيلية، ونزولهم للشارع قصد التعبير عن هذا الغضب، يؤكدان أن باب الحوار مع المسؤولين لم يفتح، وميكانيزم التعاون والشراكة لم يوجد، وهذا الفراغ غير المبرر يجب سده اليوم بسرعة، وبالتالي تعزيز الحوار بين الطرفين لإيجاد الحلول المناسبة لكل الملفات العالقة.
التعثر الذي يواجه منذ مدة ملفات وبرامج ومقررات جبر الضرر الفردي، ثم التناقض بين التصديق على الاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وفي نفس الوقت عدم أخذ تظلمات الأطراف بعين الاعتبار في هذا الباب، هي ارتباكات بلا مبرر وجود في هذا الزمن المغربي الجديد، كما أن إغفال جعل مثل هذه القضايا ضمن أولويات الفعل والتصريح الحكوميين هو ما يصيب الضحايا وكافة المدافعين عن حقوق الإنسان بالخيبة والإحباط، ويدفعهم  للنزول إلى الشارع قصد إسماع صوتهم.
وفي السياق نفسه، فإن التصريح مثلا بكون إلغاء عقوبة الإعدام ليس ضمن نية الحكومة، هو ما يجعل من المشروع الاقتناع بأن هذه الحكومة ليس في نيتها تطبيق كل  توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي  نص الدستور الحالي على دسترتها، وجعلها بمثابة التزام وطني.
ليس من مصلحة بلادنا، وليس من مصلحة أفقنا الديمقراطي أن يتم وقف أو إجهاض مسلسل تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، أو التماطل في تنزيل كامل منظوماتها الفردية والجماعية وتلك المرتبطة بالقوانين والثقافة وبالتأسيس لمستقبل من دون انتهاكات لحقوق الإنسان، وعندما ينزل الضحايا إلى الشارع اليوم، فإن ذلك يعني وجود مشكلة ما لا بد من الإسراع إلى حلها.
البداية يجب أن تكون اليوم بفتح الحوار مع ممثلي الضحايا، ومع المنظمات الحقوقية الوطنية، وبتجديد الإعلان عن التزامات البلاد فيما يخص توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وبالإقدام على إشارات قوية وواضحة على المستوى العملي والواقعي، ثم بالتزام السعي من أجل التأويل الديمقراطي والتنزيل العملي لمقتضيات الدستور الجديد.
[email protected]

Top