لقاء غير رسمي رابع تحتضنه ضواحي نيويورك حول الصحراء، ومن المقرر أن يقام لقاء خامس في بداية 2011، ومرة أخرى ستخاض محاولة جديدة بغاية الإعداد لاستئناف مفاوضات رسمية بين الأطراف، لكن من الواضح أن المسلسل الذي يباشره كريستوفر روس لم يحرز أي تقدم ملموس لحد الآن، ومن ثم من المشروع اليوم التساؤل عن المآلات …
لقاء هذه المرة، ينعقد بعد أحداث العيون، وبعد كل ما أفرزته من تداعيات، وبقدر ما أن الجزائر والبوليساريو سيكرران الأسطوانة ذاتها من جديد، وسيعيدان الدوران في الحلقة المفرغة نفسها، فإنهم أيضا قد يعمدان إلى رفع منسوب المغالطات ضد المغرب، ولذلك فإن المغرب الذي عبرعن التزامه بالتعاون مع الأمم المتحدة للدخول في مفاوضات جادة ومثمرة للتوصل لحل سياسي نهائي وتوافقي لهذا النزاع، من واجبه اليوم تجديد دعوته المنتظم الدولي من أجل العمل على إعطاء دينامية لهذه المفاوضات، ليس فقط بغاية أن تستمر وتتوالى جلساتها، إنما لتفعيلها وفق منهجية خلاقة تروم تسريع خطوات الحل السياسي المنشود.
إن الوفد المغربي يحضر لقاءات هذه المرة، مطوقا بنداء ثلاثة ملايين مغربية ومغربي خرجوا في شوارع الدار البيضاء، وخاطبوا العالم كله بأن المملكة وشعبها يرفضان أي مس بوحدة التراب وسيادة البلاد، وبالتالي فإن المفاوض المغربي يمتلك، كما من قبل، أوراق قوة بإمكانها الانتقال بالأداء إلى هجومية سياسية وإعلامية باتت مطلوبة بشكل ملح اليوم.
لقد اتفق المجتمع الدولي برمته على الحل السياسي، وقدم المغرب تنازلات وبذل جهودا وصفت بالجدية وذات المصداقية، ولم يعد أحد يبدي اقتناعا بخيار الاستفتاء، فبالأحرى الانفصال، ومن حق المملكة أن تقول للعالم كله: أين هي الجهود والتنازلات التي قدمها الطرف الآخر؟
إن بقاء المنتظم الدولي متفرجا على جمود الأطراف الأخرى وتبنيها مقاربات ديماغوجية ومتجاوزة، هو الذي شجعها على مواصلة العناد، والإقدام على القتل والتخريب في العيون، ولقد آن الأوان لكي تنخرط كل الأطراف في الالتزام بقرارات مجلس الأمن، وبالتالي العمل لكي يكون لكل هذا المسلسل منطق وأفق..
الهجومية المطلوبة اليوم، يجب أن تنطلق من ثوابت الموقف الوطني المغربي ولا تتزحزح عنها، وتتملك «الورقة الحقوقية» ضد الأطراف الأخرى، وأن تشرك فعاليات وطنية من الأقاليم الجنوبية، وأن تواصل أيضا إعمال المقاربة الشاملة التي كان جلالة الملك قد حدد محاورها في خطاب المسيرة الأخير.
المغرب يريد أن يصل إلى نقطة النهاية في كل هذا، أي تسوية النزاع المفتعل، وإنهاء صفحته للانكباب على الرهانات التنموية والإستراتيجية التي تعني المنطقة برمتها.