فتح نقاش قصد تشخيص وضعية الموارد المائية بالجهة وتوحيد الجهود للوصول إلى حلول علمية ومبتكرة لهذه الإشكالية بما يتناسب مع إلزامية توفير الحاجيات الحالية لساكنة الجهة من هذه المادة الحيوية، وضمان استمرارية التزويد بالماء الصالح للشروب وترشيد استعمالاته المختلفة. في سياق يتميز بارتفاع الطلب على الماء بالجهة نتيجة التزايد المطرد للسكان وتزايد المساحات المسقية وتوالي سنوات الجفاف.
انعقد يوم السبت الماضي بمدينة كلميم، يوم دراسي لبحث وتدارس إشكالية تدبير الموارد المائية بجهة كلميم وادنون، وذلك تحت شعار “الحكامة المائية بين الواقع واستراتيجيات التنمية”.
ويروم هذا اللقاء، المنظم بمبادرة من مجلس جهة كلميم وادنون، وبتنسيق مع مؤسسة “كونراد أديناور”، بحضور منتخبين ورؤساء المصالح الخارجية المعنية، وفاعلين في المجتمع المدني، وكذا باحثين ومهتمين، فتح نقاش قصد تشخيص وضعية الموارد المائية بالجهة، وتوحيد الجهود للوصول إلى حلول علمية ومبتكرة لهذه الإشكالية بما يتناسب مع إلزامية توفير الحاجيات الحالية لساكنة الجهة من هذه المادة الحيوية، وضمان استمرارية التزويد بالماء الصالح للشروب وترشيد استعمالاته المختلفة.
وأكدت رئيسة مجلس جهة كلميم وادنون مباركة بوعيدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أثر التغيرات المناخية وأثر الجفاف على الصعيد الدولي والوطني وأيضا الجهوي خصوصا في المناطق الجافة والشبه جافة، هو أثر كبير، مضيفة أن مجلس الجهة منخرط من أجل إيجاد حلول جذرية لوضعية الماء والنهوض بهذا القطاع داخل الجهة.
وذكرت بأن مجلس الجهة صادق على عدة اتفاقيات في هذا المجال سيتم تنزيلها خلال الأشهر المقبلة والتي تضم بناء سدود تلية وإنجاز عمليات ربط فردي وجماعي لجماعات ودواوير تهم محطة لتحلية الماء بسيدي إفني، و معالجة المياه العادمة بالأقاليم الأربعة بالجهة (كلميم، آسا الزاك، طانطان، سيدي إفني)، إضافة إلى مشاريع كبرى مهيكلة على رأسها مشروع محطة لتحلية المياه بإقليم طانطان، ثم مشروع محطة لتحلية المياه بالشاطئ الأبيض يإقليم كلميم.
وفي كلمة افتتاحية لهذا اللقاء، أبرز الناهي أبوسيف، النائب الثالث لرئيسة مجلس جهة كلميم ودانون، أهمية هذا اللقاء الذي يتدارس وضعية الموارد المائية بالجهة والتي تشكل أهم العناصر داخل المنظومة البيئية والطبيعية، مؤكدا أن هاجس انخفاض الثروة المائية على مستوى العالم أصبح “كابوسا” يزعج أصحاب القرار، على كافة المستويات، خاصة وأن مسار التنمية ووثيرتها أصبح رهينا بتوفير هذه المادة الحيوية.
وأشار إلى أنه إذا كانت تأثيرات التغيرات المناخية قد مست بقاع العالم وأرخت بظلالها على الوضع البيئي وعلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية للسكان، فإن وقعها على المناطق الجافة كان “أشد قسوة”، مبرزا أن جهة كلميم وادنون تخضع لمجال يطبعه مناخ صحراوي وشبه صحراوي يتميز بالجفاف وقلة التساقطات المطرية وضعف الموارد المائية السطحية مما يجعل استغلال الماء يتركز على المياه الجوفية .
وعدد أبو سيف مجموعة من التدابير الممكن اتخاذها من أجل الاقتصاد في استهلاك المياه، لاسيما الاستغلال المعقلن للموارد المائية والمحافظة عليها والتحسيس بأهميتها، وكذا العمل على توجيه الأنشطة الفلاحية نحو الأغراس التي لا يتطلب سقيها كميات كبيرة من المياه، مضيفا أن هذه الإجراءات تستدعي إرساء حكامة جيدة حول منظومة تدبير المياه قوامها التنسيق بين مختلف الفاعلين الترابيين.
من جهته، أكد ممثل مؤسسة “كونراد أديناور”، أيوب التواتي، أن المؤسسة التي تشتغل في مجال المناخ والطاقة، تسعى إلى العمل مع مختلف الفاعلين محليا ووطنيا من منتخبين وقطاع خاص وجمعيات المجتمع المدني، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بمواضيع المناخ والتحسيس بإكراهاته وتحدياته في ظل أزمة الماء التي يشهدها العالم.
وقدم ممثل وكالة الحوض المائي لدرعة وادنون، خلال هذا اللقاء، عرضا حول وضعية الموارد المائية بجهة كلميم وادنون، مشيرا إلى أن هذه الموارد المائية تتوزع بين موارد سطحية (سدود) وموارد جوفية (فرشات مائية) .
وأضاف أن الحاجيات الحالية للجهة من المياه تصل إلى 97.6 مليون متر مكعب من مياه الري ، و 22.13 مليون متر مكعب من مياه الشرب، مشيرا في هذا السياق، إلى ارتفاع الطلب على الماء بالجهة نتيجة التزايد المطرد للسكان وتزايد المساحات المسقية وتوالي سنوات الجفاف.
من جانبه، قدم المدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء)، أحمد حافظ، عرضا حول قطاع الماء الصالح للشرب والتطهير السائل بالجهة.
وبعد أن تطرق إلى المحاور الستراتيجية لتدخل المكتب في هذين الميدانين، استعرض حافظ تدخلات المكتب على مستوى الجهة، والمشاريع المبرمجة، وكذا الحالة الراهنة للموارد المائية لإنتاج الماء الشروب والتي تتميز بانخفاض مردودية الموارد المائية الجوفية المستغلة لتزويد ساكنة الجهة بالماء الشروب نتيجة تراجع مستوى الفرشات المائية نتيجة توالي سنوات الجفاف والاستغلال المفرط للفرشات المائية.
ودعا في هذا السياق إلى ضرورة حفر وتعميق أثقاب وآبار جديدة لتعويض العجز الحاصل والحفاظ على مستوى الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد، مبرزا أن المكتب قام بإنجاز عدة عمليات وإجراءات استباقية في جميع المراكز التي يتدخل فيها من أجل تقوية الإنتاج وتأمين التزود بهذه المادة الحيوية وتقليص العجز الحاصل، فضلا عن إنجاز مشاريع مهيكلة لتلبية حاجيات الجهة من الماء الشروب على المدى البعيد، ومشاريع أخرى في طور الإنجاز تتعلق بالتطهير السائل من حيث تقوية وتوسيع وإعادة شبكات التطهير السائل ومحطات التصفية. بدوره، قدم ممثل المديرية الجهوية للفلاحة والصيد البحري والتنمية القرية والمياه والغابات، عرضا حول استغلال وتدبير الماء في المجال الفلاحي بالجهة والذي تطرق فيه إلى التدابير المتخذة في هذا المجال سواء على مستوى تنمية وعصرنة دوائر الري الصغير والمتوسط، أو تعبئة المياه السطحية لنشر ماء الفيض، وكذا إنشاء محطة لتحلية مياه البحر بالجهة.