قضية الصحراء المغربية عرفت تحولات كبرى
قال ماء العينين مربيه ربو عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية والمختص في شؤون الصحراء “إن القضية الوطنية عرفت، خلال العقدين الأخيرين من حكم جلالة الملك محمد السادس، تحولات كبرى سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي”.
وأوضح مربيه ربو في تصريح لبيان اليوم، أن جلالة الملك، وفي ظرف وجيز، من توليه العرش، أعطى للقضية الوطنية أهمية كبيرة جدا، حيث قام جلالته بتنصيب أعضاء المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية المعروف اختصار بـ “الكوركاس” الذي يعتبر مؤسسة استشارية لدى جلالة الملك، مهمته كما جاء في خطاب التنصيب “ترسيخ ثقافة التشاور، وفسح المجال الواسع أمام مواطنينا للمساهمة باقتراحاتهم العملية في كل القضايا المتصلة بوحدتنا الترابية، وبالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأقاليم الجنوبية”.
وبالتزامن مع ذلك، يضيف القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، تم إطلاق مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، كمبادرة وصفها المنتظم الدولي بالجريئة والتي تروم حل هذا النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وهي أساس لحل هذا النزاع في إطار السيادة المغربية، وقد وصف مجلس الأمن الدولي هذه المبادرة، في قراراته، بكونها ذات مصداقية وجدية.
وبحسب مربيه ربو، فإن جلالة الملك أعطى دفعة قوية وفعالة لقضية الصحراء، بالنظر لما كانت عليه في السابق، حيث تم تفعيل دبلوماسية مغايرة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي التي كانت إلى عهد قريب تشكل معقلا لأنصار جبهة البوليساريو في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث تمكن المغرب، بفضل حنكة جلالة الملك وتوجيهاته، من اقتحام هذه الفضاءات التي كانت حكرا على خصوم الوحدة الترابية للمملكة.
وفي السياق ذاته، يضيف المتحدث، يندرج التوجه الذي قاده جلالة الملك في إفريقيا، حيث عادت المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، كما دشن جلالة الملك العديد من الاستثمارات الكبرى في مجموعة من الدول الإفريقية، خاصة في بعض الدول التي كانت تعترف بالبوليساريو كمدغشقر ونجيريا وبوركينافاسو، إلى درجة أنه لم يتبق من الدول المعادية للمغرب سوى جنوب إفريقيا والجزائر، وبدأت الدول الإفريقية تتطلع للتعامل مع المغرب في إطار علاقات شراكة تقوم على مبدأ رابح – رابح. وبذلك يكون المغرب، يقول مربيه ربو، “قد عزز موقفه في قضية الصحراء من خلال مجموعة من المؤشرات على مستوىات عدة لاسيما بالمنظمات الدولية والإقليمية ومواقف القوى الفاعلة، ولا أدل على ذلك من تراجع حوالي 50 دولة التي سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية”.
من جانب آخر، ذكر مربيه ربو بتلك الزيارات المتتالية التي قام بها جلالة الملك إلى الأقاليم الجنوبية، سواء مدينة الداخلة أو مدينة العيون أو غيرهما، وذلك للعناية بالجانب التنموي، حيث أعطى جلالته الانطلاقة لمشاريع تنموية كبيرة، في إطار برنامج النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية، رصد له غلافا ماليا يصل إلى 77 مليار درهما مع توقع مضاعفة الناتج الإجمالي المحلي وخلق 120 ألف فرصة عمل.
كما أن هذا البرنامج الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك، يضيف مربيه ربو، سيحدث نقلة نوعية في مجال التأهيل البشري، ضمانا للإنصاف في الاستفادة من الخيرات، بتفعيل برنامج أقطاب التميز، عبر إنشاء المركز الاستشفائي الجامعي بالعيون باستثمار مالي يبلغ 1.2 مليار درهما، وإنشاء مشروع “تيكنوبول” فم الواد باستثمار 2 مليار درهما باعتباره قطبا للتكوين والابتكار، بالإضافة إلى برنامج الربط المجالي للمناطق الصحراوية، حيث سيتم إنجاز الطريق الساحلي السريع تيزنيت – العيون – الداخلة.
وبحسب إفادة مربيه ربو، هناك تفكير في فتح خط للسكة الحديدية والتي سيكون لها دور أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما سيتم إنجاز ميناء الداخلة الساحلي، بالإضافة إلى ميناء الداخلة الأطلسي الذي سيكون له دور كبير في الربط بين جزر الكناري وأوروبا، بصفة عامة، والمغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، كما أنه يتم الحديث عن إنشاء ميناء في العركوب، الذي يقع على شرق مدينة الداخلة، وميناء آخر في منطقة دكمار DAKHMARE التابعة لبئر كندوز.
وفي مجال حقوق الإنسان، صرح الخبير في شؤون الصحراء، أنه خلال العقدين الأخيرين شهد هذا المجال تطورا ملحوظا، حيث تم إنشاء مجالس جهوية لحقوق الإنسان تابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مدينتي العيون والداخلة بأطر شابة ومناضلة ومثقفة وواعية، وهو ما ساهم، بحسبه، في تراجع تلك الاتهامات المجانية للمغرب بخصوص ملف حقوق الإنسان في الصحراء، حيث لم تعد هناك أي ممارسة خارج نطاق القانون، أي أن أي شيء يقع في الصحراء يعرفه الجميع، وتتم معالجته بالطرق القانونية وفق الأساليب المتعارف عليها دوليا في مجال حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
كما شدد مربيه ربو على أهمية دسترة اللسان الحساني، كمكون من مكونات الثقافة المغربية، وهو يندرج، في نظره، في صلب الديمقراطية الثقافية، ويعد مكسبا أساسيا للتنمية الاجتماعية بالأقاليم الجنوبية، مشيرا إلى أن دستور 2011 جعل من الإنسان محور جميع الإصلاحات، وأن إقرار اللسان الحساني في الدستور هو أحد أهم أوجه الحفاظ على الخصوصيات الثقافية للأقاليم الجنوبية، والتي أصبحت لها مكانة متميزة ضمن مقومات الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وأناط بالدولة مسؤولية صيانتها وتنميتها، وهو ما يلاحظ من خلال المركز السينمائي المغربي الذي أصبح يخصص دعما للأفلام السينمائية الحسانية والتي لم تكن موجودة بالمرة، وأصبحت هناك، اليوم، أفلاما بالحسانية مدعومة من طرف الدولة، وهو ما يعني أن الثقافة الحسانية دخلت جميع مناحي الحياة.
بالنسبة للجانب المتعلق بالانتخابات في الأقاليم الجنوبية، قال مربيه ربو “إن الانتخابات تعرف، دائما، تجاوبا كبيرا من قبل المواطنين، انطلاقا من مرحلة التسجيل في اللوائح الانتخابية، إلى يوم الاقتراع، مرورا بعملية سحب البطائق والمشاركة في الحملة الانتخابية” وهو ما يعكس، بحسبه، الرغبة في إنجاح هذه التجربة الهادفة إلى تعزيز الديمقراطية الوطنية، ومؤشرا قويا يعكس إرادتهم للتعبير مجددا عن تشبثهم الراسخ بالوحدة الترابية للمملكة.
ويضيف ماء العينين مربيه ربو أن كل ما تحقق في الصحراء المغربية على أهميته، لا يرقى إلى مستوى الكمال، لكن يمكن القول وبدون أي تحفظ، “إن المغرب قطع أشواطا كبيرة سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي أو على مستوى كل المجالات الحياتية الأخرى”.
وبخصوص الوضع في مخيمات تندوف، أفاد مربيه ربو، أن الوضع في المنطقة بصفة عامة هو وضع معلق، مشيرا إلى ما يحدث في الجزائر، بالإضافة إلى ما يقع في تندوف من مظاهرات واحتجاجات يومية، قامت على إثرها عناصر جبهة البوليساريو باعتقالات واختطافات واسعة في صفوف الصحراويين الذين احتجوا على تلك الأوضاع، وعلى القيادة الفاسدة والمتاجرة بالمساعدات الإنسانية، والتي تباع داخل أسواق دول الجوار، مما أدى إلى اغتناء القيادة على حساب فقر سكان المخيمات. وأصبحت هذه الجريمة، يضيف المتحدث، تأخذ منحى كبيرا سواء في المخيمات، أو حتى في الدول الأوروبية كفرنسا، التي لم تنطل عليها خدعة مجموعة من عناصر البوليساريو التي كانت في إسبانيا تستفيد من المساعدات، وذهبت لفرنسا من أجل الحصول على اللجوء السياسي، وهو أمر مناف للقانون الدولي، أي أن يحصلوا على المنافع من إسبانيا، وفي فرنسا، إلا أن هذه الأخيرة تنبهت لهم ورفضت منحهم اللجوء السياسي، وأعادتهم إلى إسبانيا.
> محمد حجيوي