مبادرات مدنية جوهرية

النقاش الذي بادرت إلى إطلاقه (مجموعة الديمقراطية والحداثة) في نهاية الأسبوع المنصرم حول حرية المعتقد، مثل لحظة تفكير رصين وحوار عميق بين أطراف متباينة المنطلقات والرؤى، وأعاد إلى الأذهان جدلا كان قد بدأ بمناسبة الاستشارات حول الدستور الجديد، لكنه توقف في المهد.
وبالرغم من عدم ورود المبدأ في نص القانون الأسمى للمملكة، فإنه من الممكن بلورة تنصيص قانوني عبر قوانين أخرى لاحقة، ومن ثم، فإن تفعيل مثل هذه المناقشات المجتمعية مسألة جوهرية، ولابد من توسيعها لتشمل أيضا الأحزاب، وينخرط فيها البرلمانيون والجامعيون والمثقفون وعلماء الدين، وذلك بغاية تقوية تحالفات واسعة مؤيدة ومناصرة.
من جهة ثانية، فإن مثل هذه الحوارات تندرج ضمن مبادرات الترافع والتحسيس بمحورية حماية وتعزيز الحريات الفردية في المجتمع، وإن أهميتها تكمن في جعل أوساط واسعة من المجتمع تتحالف وتضغط من أجل صيانة المكتسبات الديمقراطية والحقوقية، وأيضا تطويرها…
وفي السياق نفسه، فإن العمل المهم الذي أشرف عليه (منتدى بدائل المغرب) كذلك في جهات مختلفة حول المبادرة التشريعية والعريضة الشعبية، وعقد أول أمس في الرباط لقاء وطنيا لتقييم حصيلته، بالإضافة إلى النضال الحقوقي والسياسي المتواصل بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، وحول المحكمة الجنائية الدولية، ثم المبادرات المتنامية في الفترة الأخيرة وسط مهنيي الإعلام بمبادرة من النقابة الوطنية للصحافة المغربية حول المجلس الوطني للصحافة، وأيضا حول قانون الصحافة، وحول تطوير الخدمة العمومية في وسائل الإعلام العمومية، والعمل الذي انطلق منذ فترة طويلة بشأن حقوق النساء السلاليات، وذلك المتعلق بمنع زواج القاصرات، والذي عاد أول أمس إلى الواجهة من خلال وقفة أمام البرلمان على خلفية قضية أمينة الفيلالي من العرائش، وأيضا العمل الترافعي المهم الذي يجري منذ شهور حول قانون الجمعيات، وحول مجلس الطفولة والشباب، وأيضا العمل النضالي المستمر والجوهري من لدن الحركة النسائية من أجل المساواة ومن أجل المناصفة….، هي كلها إذن مبادرات مدنية  نوعية، وتروم تكثيف ضغط منظمات المجتمع المدني، وتؤسس لديناميات جديدة في المجتمع لا بد من تثمينها ومساندتها، وتعزيز التقائيتها بما يخدم التنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور الجديد، وأيضا تطوير حياتنا الديمقراطية.
إن ظرفيتنا السياسية الوطنية، وما يشهده الجوار المغاربي والعربي من تحولات، كل ذلك أفرز عديد إشكالات في السياسة وفي القوانين وفي الفكر وفي العلاقات، ما يقتضي اليوم تقوية الحوار بين نخب المجتمع وفاعليه السياسيين والثقافيين والمدنيين من أجل تعزيز الانتباه واليقظة الجماعيين لحماية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والانفتاح في بلادنا، وبالتالي جعل القدرات تتوجه إلى الفعل التنموي، وتحمي سيرنا المشترك إلى الأمام.

[email protected]

Top