ما من شك أن المؤتمر الوطني الثاني للفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة المنعقد في مراكش يومي 1 و2 يونيو، سيشكل حدثا ثقافيا ومسرحيا بامتياز.. ذلك أن الملفات التي تحملها الفدرالية لمؤتمرها ثقيلة ووازنة، منها المستعجلة ومنها ذات النفس متوسط أو بعيد المدى..
في هذا الصدد يعتبر المخرج المسرحي حسن هموش، رئيس الفدرالية، أن هذا المؤتمر يشكل موعدا مفصليا في تاريخ الفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة، التي ومنذ تأسيسها عام 2012، وهي تبحث عن إيجاد توازن عقلاني ومنطقي من شأنه أن يساهم في تحقيق طموحات الفرق المسرحية، بصفة خاصة والحركة المسرحية بصفة عامة، وكانت الفدرالية دائما وأبدا قوة اقتراحية، تحاول جاهدة أن تساهم في إغناء هذه الممارسة بما يحقق لها تطلعاتها وطموحاتها سواء على المستوى التشريعي والقانوني أو على مستوى الهيكلة والتأهيل المهني والإبداعي..
ويضيف رئيس الفدرالية، في تصريح لبيان اليوم، أنه لابد من التذكير أن هذا المؤتمر الذي تخلف عن موعده لشهور لأسباب تنظيمية ولوجيستيكية، كان رهانه الأساس هو ان يتحقق الالتفاف حول هذا الإطار الذي نعتبر قوته من قوة أعضائه، وأيضا مشروعه يأتي من الإسهامات التي تقدمها الفرق المسرحية، التي لاشك أنها حاملة لمشاريع طموحة وحالمة بمستقبل أكثر إشراقة، كما أنه، يؤكد المتحدث، وجب تقديم الشكر لجمعية إسيل للمسرح والتنشيط الثقافي، العضوة بالفيدرالية، التي كانت لها أياد بيضاء في تحقيق هذه اللمة وتمويل جزء مهم من أشغال هذا المؤتمر، هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن غيرة الفرق المسرحية على الإطار الممثل لها وعلى الساحة المسرحية هو بالتأكيد نابع من قناعات راسخةعلى أن نعزز ثقافة المؤسسات ودورها الأكيد في تقوية السياسيات العمومية والإسهام في بلورة تصورات تليق بمغرب اليوم، مغرب الحداثة والتنوع الثقافي.
وعن إيقاع الاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر، يقول حسن هموش إنه خلال الاستعدادات بكل الإكراهات التي يمكن تصورها، كنا نراهن على مشاركة ما بين 30 أو 40 فرقة مسرحية، باعتبار أن الجو العام على مستوى الساحة المسرحية، ينتابه الكثير من الامتعاض والإحباط، وهو أمر افرزته العديد من الممارسات والسلوكيات التي جعلت هذا الإحساس يسيطر وبشكل قوي على المناخ العام، ويجعل الممارسة المسرحية قاب قوسين أو أدنى من الأفول، بالرغم مما تحقق من إنجازات على الصعيد الوطني والعربي، إلا أن عدد الفرق التي أبانت عن استعدادها الكامل للمشاركة في هذه المحطة والذي تجاوز 70 فرقة مسرحية، يؤكد أن هناك رغبة مشتركة في صياغة تصورات جديدة، ومواقف متقدمة من أجل أن يكون لهذا المكتسب موقعه في بنية مؤسسات المجتمع المدني الجادة والهادفة إلى الإسهام في بلورة مشاريع قادرة على الإجابة عن العديد من الأسئلة المطروحة على مجتمعنا المغربي وما يعرفه من تحديات إقليمية ودولية، لهذه الغاية جاءت الوثيقة المطروحة على المؤتمر الثاني للمناقشة والتداول غنية ومثمرة تلخص التوجهات العامة للفيدرالية..
وقدم حسن هموش لبيان اليوم أهم ما ورد في هذه الوثيقة من توجهات أهمها:
• تكوين الفرق المسرحية في مجالات التدبير والتسيير المقاولاتي.
• تقوية عوامل تطوير الإنتاج المسرحي الوطني وبنياته.
• التنسيق مع الجهات ذات الصلة بالمسرح وفنون العرض من أجل المساهمة في تنمية القطاع المسرحي وتوفير وتأهيل البنيات التحتية الأساسية لتشجيع الإنتاج.
ويختم رئيس الفدرالية تصريحه للجريدة بالتوجه للمؤتمرين مهيبا بهم المساهمة في صياغة تصورات ومقترحات جديدة، تجيب عن أسئلة راهنية، لصيانة المكتسبات والدفاع بكل استماتة على الحقوق المادية والمعنوية للفرق المسرحية المحترفة من طنجة إلى الكويرة ..
من حانبه أكد المخرج المسرحي بوسرحان الزيتوني، الكاتب العام للفدرالية ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أن هذا الأخير يأتي في مفترق طرق، تحت شعار اتجاهه: إما أن نكون في مستوى اللحظة التي تعيشها الحياة المسرحية ألوطنية، أو ننكمش لحد الانمحاء. ويضيف الزيتوني في تصريح لبيان اليوم أن هذه اللحظة تأتي بعد سنوات من الأسئلة الطموحة في حياة مسرحية تتجاوز السقوف الواطئة التي تسحق الحق في الإبداع، ولا تحتفي بصناعة مسرحية تكفل للمنتجين ظروفا أكثر رحابة في الإنتاج المسرحي بتنوعاته، المالك لحقه في التجريب، والقادر على الوصول إلى متلقيه بدل الانحسار في زاوية مميتة.
ويذكر المتحدث أنه عندما أقدمت الحركة المسرحية الوطنية على تأسيس الفيدرالية، عقب الخلاف الذي نشب سنة 2011 / 2012 مع وزارة الثقافة، كان ذلك فارقا في مدركات الفعل المسرحي تنظيميا، فقد أذنت لحظة التأسيس على وعي بأهمية أن تمتلك الفرق المسرحية إطارا يفعل في سياق التحول الفعلي إلى احتراف حقيقي قائم على الحق في أن تكون الفيدرالية شريكا ورافعة لحوار وأن يكون الجميع قادرا على الدفاع عن الفرقة المسرحية، وفق كل محددات المواطنة الفعلية، أن تكون واضحة في احترافيتها، و أن تكون الممارسة مجالا واضحا في التديسر والتشغيل، وأن يشكل الدعم العمومي واحدا من حوافزه، وليس منتهى طموحه.
لا يخجلني الآن أن أعترف، يقول بوسرحان الزيتوني، بأننا بدل ذلك لهثنا وراء الريع، واختصمنا عليه وفيه، وتشتت بنا سبله، حتى صرنا مجرد حبات رمل ضائعة، لا نملك صوتا، ففقدنا في نهاية المطاف موسما مسرحيا واضح المعالم، وضاقت أمامنا قاعات العرض، واختنقت قوانا في زوايا منحسرة ومتراجعة أمام اشكال من التخبط والارتجال، والمبادرات غير المجدية لفعل مسرحي جاد ومبدع، والاختصام لغير ما لا يفيد الإنتاج والعاملين. تخبط أضر بالسير الطبيعي للإنتاج المسرحي، ويجبر كل فرقة أن تشتغل وفق انتظارات غودوية (godot)، مجرجرين بحبال تدفع لليأس والانتحار.
لهذا أعتبر اللقاء الذي سيتم بمناسبة المؤتمر الثاني منعطفا حاسما، ومحطة لإعادة التأسيس وفق رؤى جديدة وواضحة، يؤكد الكاتب العام للفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة. .
ويضيف بأنه، في هذا الإطار، يجدر التأكيد أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والتي تسعى إلى تفعيل ممكنات صناعة ثقافية دينامية وشفافة، أن تظل كما كانت، شريكا في تصويب موضوعي لظروف اشتغال الفرق، والمساعدة في استعادة بينات العرض وتصويب عقارب ساعة الحياة المسرحية، بما لا يرهق الفرق المسرحية والمشتغلين فيها. أقول هذا وأنا مدرك أن بعض المبادرات التي قامت بها الوزارة، كانت واعدة، ويجب أن تظل كذلك، خاصة أن التجربة التي عشناها معها في السنوات الثلاث الأخيرة تكشف أنها إن عزمت قضت. ونأمل ذلك أيضا بالنسبة للفرق المسرحية..
مراكش تحتضن المؤتمر الوطني الثاني للفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة
الوسوم