هنيئا لرشيد نيني

غادر الزميل رشيد نيني السجن بعد قضائه عاما كاملا بين جدرانه، ويتطلع كافة المهنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان اليوم أن  يتم تجاوز كل الانتهاكات التي حصلت في الماضي، ضد الصحافيين، والتي استعملت فيها عدة أساليب من حبس وإدانة وغرامات ومنع وحجز للصحف، وذلك في إطار تأويلات قانونية تعسفية، وبتزكية من القضاء، الذي يؤمل أن يعزز استقلاليته بعد إقرار دستور جديد ينص على استقلالية هذه السلطة.
وبالنسبة لزميلنا رشيد نهنئه أولا على استعادة حريته، وعلى العودة إلى زملائه وإلى مهنته، ونبارك لأسرته، كما نعتبر أن كل الملابسات القانونية التي رافقت قضيته، وما شهده الملف من تجاوزات يجب أن تبقى حاضرة في بال المهنيين وكل الديمقراطيين، وذلك من أجل العمل اليوم على طيها بإصلاح حقيقي لقانون الصحافة، وبالحد من اللجوء إلى القانون الجنائي بدل قانون الصحافة، في محاكمة الصحف والصحفيين، وبالتالي، فإن أولويات الإصلاح اليوم هي إدماج مقتضيات تنص على ضرورة متابعة الصحافيين في قضايا النشر، بقانون الصحافة دون غيره، وجعله خاليا من العقوبات السالبة للحرية، والوعي بأن الاستمرار في اللجوء لقوانين أخرى، في قضايا النشر، سيفرغ أي إصلاح من مضمونه.
ليس المهم اليوم التوقف عند ما نختلف بشأنه مع رشيد نيني، ولكن الأساس هو التذكير بأن كل الديناميات الإصلاحية التي شهدتها البلاد، وكل الحراكات كانت تستقبل ناقصة لدى الرأي العام الدولي، ولا تحتفظ الصورة سوى بعنوان مزعج وكبير، وهو: «دولة تعتقل صحفيا»، ولا شك أن الكل اليوم أدرك حجم الحرج الذي تسبب فيه هذا «المانشيط» للبلاد ولديبلوماسيتها.
إن قضية نيني اليوم تحيلنا على استعجالية التأهيل القانوني والتنظيمي وتطوير التشريعات المرتبطة بالمهنة، ووضع الهياكل المؤسسة للتنظيم الذاتي والموكول لها السهر على احترام أخلاقيات المهنة، ولكن أيضا هي تنبهنا إلى محورية ابتعاد الأوساط السلطوية والإدارية واللوبيات المالية والاقتصادية عن  أساليب التحكم وعن التدخلات غير الواضحة في ميدان الصحافة والإعلام، وعن جعل المهنة ساحة تصفية حسابات وميدانا لتبادل الضغوط والدفاع عن المصالح.
المهنة اليوم في حاجة إذن إلى إصلاح حقيقي، وإلى تأهيل مقاولاتي عميق وجدي، وإلى وضوح سياسي، وإلى استقلالية مهنية، وإلى حكامة واضحة وقوية بالقانون وبالأخلاق.
شكرا لرشيد نيني الذي جعلتنا قضيته نعيد التذكير هنا بهذه المواقف المبدئية، وهنيئا له ولأسرته على استعادة الحرية.

[email protected]

Top