بالإعلان عن موعد شهر غشت القادم كآخر أجل لتحول أندية كرة القدم الوطنية إلى شركات رياضية، يكون قطار التغيير قد انطلق، بهدف رسم معالم طريق جديد للفرق المغربية على مستوى التدبير المالي والبشري، وتأهيل الأندية المغربية لترتقي سواء بطريقة تسييرها، وتدبيرها وميزانياتها إلى مستوى الأندية الرائدة على المستويين العربي والقاري.
فاستمرار سنوات الهواية في زمن التحولات العميقة، ترك جروحا غائرة في جسد كرة القدم الوطنية، لتجد نفسها عاجزة بحكم الواقع عن مسايرة التطور الحاصل في اللعبة، رغم كل المجهودات التي بذلت والميزانيات التي أنفقت، مع ما رافق ذلك من تضييع للوقت، لتجد الدولة نفسها مجبرة على إلزام الأندية بالانتقال من الجمعية إلى الشركة الرياضية.
والاجتماع الأخير الذي عقد الأسبوع الماضي بمقر وزارة الشباب والرياضة بحضور الوزير رشيد الطالبي العلمي، ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، كان حاسما على مستوى الإقرار بحتمية الدخول إلى مرحلة الشركات، مباشرة بعد انتهاء منافسات نهائيات كأس العالم بروسيا صيف هذه السنة، مع العلم أن هذا الاجتماع كان منتظرا منذ مدة، بحكم ضرورة وضع لمسة الجهاز الحكومي في كل تفاصيل وحيثيات ملف، لا يحظى بمباركة العديد من المتدخلين في الشأن الكروي، إما لسوء فهم، أو مخافة من إحداث تغييرات قد تعصف بمصالح أفراد وجماعات، ألفوا الاستفادة من واقع الهواية وما تعرفه من حالات تسيب وفوضى.
ومن أجل تشجيع الأندية على الانخراط بقوة في هذا النظام الجديد، بذلت الجامعة مجهودات كبيرة من أجل الإقناع والمواكبة والمصاحبة، كما تدخلت على مستوى مجموعة من المصالح من أجل كسب إعفاءات جبائية، وضمان موارد مالية، والسماح بفترة انتقالية قصد ضمان دخول سلس للمشروع الجديد، ومن بينها ملكية الجمعيات الرياضية لكل أسهم الشركة الرياضية في حالة عدم وجود مساهمين آنيين.
وتسعى الجامعة خلال هذه الفترة الأولية بالذات إلى سن حكامة جديدة وحسن التدبير وتحسين هياكل الأندية، قبل التفكير في كسب الأرباح، وهذه المرحلة أساسية، ونجاحها نجاح للمشروع برمته، في أبعاده الرياضية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية وحتى السياسية.
وقبل تحديد آخر أجل لانطلاق هذا التغيير المطلوب، فقد دخلت الجامعة منذ سنتين في مواكبة جدية للأندية حتى تكون القاعدة مؤهلة لولوج المرحلة القادمة، ومن بينها سن نظام محاسباتي جديد، ونظام أساسي نموذجي خاصة بالأندية، وفرض إجبارية التعاقد مع مدير إداري مؤهل، ومدير رياضي متمكن، ومدير تقني متخصص، كما تحملت الجامعة رواتب أغلب هؤلاء المتخصصين، وغيرها من الجوانب التي أكدت أن المواكبة والمصاحبة والدعم، هو واقع وليس شعارا يرفع في المناسبات.
قطار إذن انطلق، ومن يريد ركوب التغيير، فليرتقي بتفكيره وعقليته ورهاناته إلى مستوى هذا الرهان المستقبلي، ومن لم يجد في نفسه القدرة على المواكبة، فلينسحب في صمت، والمسامح كريم…
محمد الروحلي