لم يكن أشد المتشائمين ينتظر ظهور الفريق الوطني لكرة القدم، بتلك الصورة الباهتة التي قدمها بعد زوال أول أمس الأحد على أرضية ملعب باطا أمام منتخب غينيا الاستوائية.
هذا الظهور الباهت الذي صدم الجمهور الرياضي جعل أغلب المتتبعين يركزون على الأداء أكثر من الحديث عن أهمية التأهيل، وهذه مسألة طبيعية وعادية، خاصة وأننا لعبنا أمام خصم لم يكن بذاك الفريق القوي والصعب المراس، حتى وإن لعب بميدانه، وأمام جمهور لم يحضر بالكثافة التي كانت متوقعة.
الهزيمة كانت بهدف سجل بعد مرور ربع ساعة فقط من اللعب، ليحكم على العناصر الوطنية خوض جل شوطي المباراة متراجعا للوراء، فاقدا لروح المبادرة بالخط الأمامي، مكتفيا بالحفاظ على نتيجة الذهاب، وهي مغامرة كانت محفوفة بالكثير من المخاطر، لأن الفريق الضيف كان من الممكن أن يسجل في أي لحظة، وهو السيناريو الذي لم يكن يتمناه أي أحد، ففي هذه الحالة كان على المنتخب المغربي البحث عن كيفية الوصول إلى مرمى الفريق الخصم أو انتظار ضربات الحظ الترجيحية.
ولعل أكبر مفاجأة عرفتها المقابلة إقدام المدرب بادو الزاكي على إحداث خمس تغييرات على التشكيلة التي خاضت مقابلة الذهاب، مع أن القاعدة تقول إنه لا يمكن تغيير الفريق الذي تمكن من تحقيق الفوز، والأغرب من ذلك الزج بلاعبين جديدين لم يخوضا أي مقابلة مع المنتخب، وهما عدنان تيغدويني وفيصل فجر، وهذا أمر غير مقبول بتاتا، إذ لا يعقل أن يتم الاستغناء عن لاعبين مجربين، وتعويضهما بآخرين جديدين عن أجواء المنتخب، والأكثر من ذلك داخل قارة ربما يكتشفانها لأول مرة في حياتهما.
تحقق التأهيل إذن حتى وإن جاء بطريقة صعبة، إلا أن المرور إلى الدور القادم مسألة مهمة بهذه المرحلة، لتطرح بعد ذلك الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة الفترة القادمة والرهانات التي ستحكمها، إذ لا يعقل أن تستمر الأمور التقنية بهذا الشكل الذي تدار به حاليا، فغياب روح فريق العمل، وعدم الاعتماد على التواصل المطلوب داخل الطاقم التقني، وعدم الاستعانة بكفاءات وطنية أخرى، واستمرار طغيان الرأي الواحد، كلها سلبيات من الضروري تجاوزها، حتى نصل إلى بناء فريق وطني قادر على المنافسة على الصعيد القاري، ومن ثم التطلع إلى الوصول إلى العالمية.
فأكثر من سنة ونصف من الإعداد، وما تطلبه ذاك من ميزانية مهمة ومعسكرات تدريبية ولقاءات ودية ورسمية، وتجريب عشرات اللاعبين، والقيام بجولات مكوكية بالقارتين الأوروبية والأسيوية، ولم نحظ بفريق وطني في مستوى التطلعات، وعليه فإن إحداث تغيير على بنية الإدارة التقنية مسألة ضرورية، لنستطيع المراهنة مستقبلا على هذا المنتخب قصد إعادة أمجاد الماضي.
يمكن أن يبقى الزاكي على رأس المنتخب، لكن شريطة وضع حد للهيمنة التي تلغي وجود الآخرين، فالرأي الواحد كاد أن يحكم علينا بالإقصاءالمبكر، بما يحمله لو حدث من انعكاسات سلبية ثقيلة ومكلفة على جل مكونات كرة القدم الوطنية.