10 دجنبر

يخلد العالم اليوم الاثنين اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف عاشر دجنبر من كل عام، وهي مناسبة يجدد فيها المدافعون عن حقوق الإنسان عبر العالم النداء من أجل تمكين كافة البشر من حقوقهم كما هو متعارف عليها كونيا، وأيضا تقييم المسيرة النضالية، دوليا ووطنيا، من أجل تحقيق ذلك. بداية، إن حلول مناسبة العاشر من دجنبر، والسياق الوطني والإقليمي المميز للمرحلة في السنتين الأخيرتين، يبرز أن الشعوب اليوم كثفت من مطالبها الحقوقية والديمقراطية، ولم تعد تقبل التمييز في التمتع بهذه الحقوق بداعي أية خصوصية كانت، ومن ثم، فان شعار: كل الحقوق لكل البشر في كل البلدان، صار يلخص التطلع المشروع للبشرية في زمننا هذا.
وان جماهير الشباب، وشعوب البلدان المغاربية والعربية التي نزلت إلى الشوارع والميادين والساحات في العامين الأخيرين تطالب بالتغيير، كانت النسبة الكبيرة من مطالبها ترتبط بالحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة، وهي مبادئ وحقوق تتضمنها بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وباقي المواثيق والعهود ذات الصلة.
وحتى عندما شهدت بعض بلدان الحراك في منطقة الشرق الأوسط مؤخرا نوعا من الحنين للاستبداد لدى الحكام الجدد، هانحن نشاهد اليوم الشعوب كيف هبت بقوة إلى الشارع مستنكرة ومصرة على حقوقها، وعلى الحرية.
و انطلاقا مما سبق، فان الدرس الأساس هنا أن احترام حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها كونيا، والانخراط في منظومة الديمقراطية ودولة القانون وترسيخ المواطنة هو الطريق المطلوب السير فيها اليوم للاستجابة لمطالب الشعوب والأجيال الجديدة.
وفي بلادنا، التي اختارت أن تعيش تغييرها بشكل متميز، ومن خلال العمل الديمقراطي ودولة المؤسسات، فان ملفات حقوقية مطروحة، وتقتضي الحسم فيها، ومنها كامل منظومة الحريات العامة وحرية التعبير والصحافة، ثم احترام الحريات الفردية، وحرية الاحتجاج  والتجمع، بالإضافة إلى أن تعدديتنا السياسية في حاجة مستمرة إلى اليقظة والحماية، والى رفض كل أشكال التضييق والتحكم.
وفي السياق نفسه، فان تأهيل السياسات العمومية، وتلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية لشعبنا، وخصوصا فئاته المستضعفة، ومحاربة الرشوة والفساد، وتحسين خدمات المرفق العمومي، وإعلاء سيادة القانون، كلها تمس حقوق أساسية للمواطنات والمواطنين، وتمكن بلادنا من احترام حقوق الإنسان في شموليتها.
وهناك أيضا ملفات وقضايا صارت اليوم تفرض اهتمام الدولة والمجتمع، على غرار أوضاع المهاجرين غير الشرعيين، ظروف الخادمات الأجنبيات، زواج القاصرات، العنف ضد النساء، الحقوق المرتبطة بالبيئة، التنوع اللغوي والتعددية الثقافية، أوضاع السجناء، وهي مواضيع  يثيرها اليوم النقاش العمومي في بلادنا، وتطرح بشأنها الكثير من المطالب والنداءات.
وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، فان قضايا مثل: الأمازيغية، المساواة بين الجنسين، إلغاء عقوبة الإعدام، تجريم العنف والتعذيب وإصلاح واقع السجون، حرية الصحافة والتعبير، تعتبر ذات أولوية، ويتطلب الأمر تقديم الحكومة لإشارات فورية وقوية بخصوصها، والتسريع بإخراج كل القوانين والقرارات والآليات المتعلقة بها ، وذك بما  يكرس سير بلادنا في إطار منظومة مجتمعية ديمقراطية حداثية حقيقية، ويحول دون أي تراجع، كما أن الإقدام على خطوات ملموسة تهم التحسين الفعلي للأوضاع  الاجتماعية والاقتصادية لشعبنا، من شأنه تقوية الاستقرار العام في بلادنا، وتمتين ثقة المواطنات والمواطنين في بلادهم، وفي المستقبل.
[email protected]

Top