رهانات 25 نونبر

الآن وقد أصبح تاريخ  الانتخابات التشريعية معروفا، فان مرحلة جديدة في المسار السياسي والإصلاحي بالمغرب بدأت في التشكل، والاهتمام صار يتركز حول رهانات الاستحقاق المرتقب، وحول مابعد هذه المحطة التاريخية.
إن الانتخابات التشريعية المعلن عن إجرائها في 25 نونبر القادم تمثل أول اختبار حقيقي للإرادة الجماعية في تفعيل الدستور الجديد، وذلك بالنجاح في إقرار مؤسسات لها مصداقية قوية في مستوى الوثيقة الدستورية التي صادق عليها الشعب المغربي في فاتح يوليوز الماضي.
الرهان اليوم يبدأ من بلورة نصوص قانونية وتنظيمية تجسد فعلا الإرادة السياسية التي عبرت عنها الخطب الملكية الأخيرة، وتتناغم مع مقتضيات الدستور.
الرهان أيضا هو الحرص على تنظيم انتخابات نزيهة ومغايرة تماما لما سبقها من اقتراعات..
الرهان كذلك هو أن تمكن هذه الاستحقاقات من بروز وجوه جديدة لها الكفاءة السياسية والمعرفية والتجربة النضالية والمصداقية والغيرة الوطنية التي بإمكانها الإسهام في تغيير الصورة السلبية المنتشرة اليوم عن مؤسستنا التشريعية لدى الرأي العام.
إن انتخابات 25 نونبر بكل هذه الدلالة التاريخية تعتبر موعدا لبداية تشكيل طبقة سياسية جديدة، ومن ثم  فهي تطرح مسؤولية تاريخية على الدولة وعلى الأحزاب وأيضا على الناخبات والناخبين.
هنا، التغيير مسؤولية الجميع، وعلينا كلنا أن نساعد بلادنا وشعبنا ليكونا في الموعد.
رهان اقتراع 25 نونبر ليس ذاتيا أو أنه ضمن منظومة الانتخابات فقط، إنما هو يمتد ليشمل السياق السياسي الوطني والإقليمي العام، وبالتالي فان إنجاح الاستحقاق هو إنجاح للتحول الديمقراطي في البلاد، وإعلان عن بداية مرحلة جديدة .
إن الرهان أكبر من سجالات العتبات واللوائح والأنماط والتقنيات…
وعندما تطل علينا اليوم الكيانات نفسها التي عرفها المغاربة طيلة عقود بتسميات مثل : أحزاب الإدارة، أو أحزاب الكوكوتمينوت، وتعلن عن تحالف  بلا مقدمات، فان الذاكرة تنشط بسرعة لتنبهنا كلنا إلى أن اصطفافا بصدد التشكل يضم الرافضين للتحول..
اليوم تتبدل التسميات والحيثيات وأشكال الإعلان، لكن الهوية واحدة، وهي الوقوف في وجه التغيير، وهذا يضعنا أمام رهان لا يقل جوهرية عن المشار إليه سابقا، وهو أن الانتخابات المقبلة هي موعد لكشف خصوم التغيير، ومواجهة الأوساط الرافضة للقطيعة مع العهد الغابر، وهي الأوساط التي تتحالف اليوم، وتسعى بتنطع لكي تسلب من المغاربة المرحلة القادمة كلها، وكأنها لا تنصت لاحتجاجات الشارع ولدروس المحيط.
شعبنا يريد التغيير فعلا، ولن يقبل بترك بعض قصيري النظر يجرون البلاد إلى الخلف ويجهضوا آمال أهلها.
[email protected]

Top