تقول الدراسات: إنه من بين 60 ألف فكرة تراودنا في اليوم توجد ثلاث أفكار إيجابية منها فقط. لذا فإنه ليس من العجيب أن أغلب الأشخاص يميلون إلى الانغماس في الأفكار السلبية، في هذه الفترة يبدو من المعتاد أن نكون ذوي أمزجة سيئة وأن نظهر انشغالنا بتلك المشكلات الصغيرة المعروفة بمشكلات العالم الأولى.
من الطبيعي أن نظهر بعض الأنين والنحيب على بعض الموضوعات من هنا وهناك، لكن بعد ذلك يصبح من الخطر جدا أن تتحول أمزجة الناس في بيئتهم المحيطة إلى أمزجة سيئة بمرور الوقت، وعليه فإن المثل القائل “مَن أكثر الجلوسَ مع قوم، سيغدو مثلهم” صحيح.
ابتعد عن المتشائمين!
فمن يرد أن يقنع نفسه بأن نهاية العالم قادمة، عليه ألا يرهق نفسه بقراءة الأخبار، ويكفيه أن يتحدث مع جاره المتشائم، الذي يكشف له كم أن الرياح باردة مع أن الشمس دافئة، وأن وظيفته التي كان يحلم بها صعبة جدا، وأن الحياة سيئة في مجملها، وأن السياسة شر محض، وأن الناس قد فسدت أخلاقهم.
خرجت عالمة النفس إيلاينة هاتفيلد بنتائج من دراسة أجرتها في جامعة هاواي، جاء فيها “رويدا رويدا نقبل اللهجة والوضعية الجسدية وحتى تعابير الوجه من الأشخاص الذين نكثر الجلوس معهم وتنتقل إلينا”، ومثل أي مرض معد آخر ينقل الأشخاص السلبيون مزاجهم السيئ إلى بيئتهم المحيطة، ولن يظل هذا بدون تبعات، حسب ما نقلته صحيفة “هافينجتون بوست” الأمريكية عن موقع “بيزنس إنسايدر”.
التشاؤم معد
المشكلة الأكبر تكمن في أننا نتحمل الوضع العقلي للناس في بيئتنا المحيطة، وعندما يفكر الناس حولنا تفكيرا سلبيا باستمرار، فإننا سنغدو سلبيين أيضا عاجلا أو آجلا.
وليس هذا كل ما في الأمر فحسب؛ إذ أن علماء الأعصاب يرون أن الأشخاص السلبيين يضرون بصحتنا.
لصحتك، ابق متفائلا!
عندما نكون في مجتمَع يكثر فيه السلبيون، فإن ذلك قد يؤدي إلى تحفيز التوتر في أجسامنا. وعند التوتر يبدأ القلب بالنبض بصورة أسرع، في حين تقل درجة التركيز، كما أظهرت دراسة علمية أخرى أن من يصاب بالتوتر، تكون قدرته على حل المشاكل أقل، وقد أثبتت العديد من الدراسات، أن التوتر الدائم يقصر العمر، ولذا لن يكون الضرر الذي ينقله لنا السلبيون منحصرا في مزاجنا وحسب، بل سينعكس على الصحة ويقصّر أعمارنا أيضا.
وفي دراسة حديثة، أكد علماء من فنلندا أن التشاؤم يعد سببا هاما من أسباب الوفاة شأنه شأن بعض الأمراض كالسكري وأمراض الشرايين والقلب.
وتوصل الباحثون من المشفى المركزي للطب النفسي التابع لوزارة الصحة الفنلندية إلى تلك النتائج بعد أن قاموا بمراجعة بيانات ألفي شخص تراوحت أعمارهم بين 52 و76 عاما.
وأشار الباحثون إلى أن تلك البيانات شملت معلومات عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والحالة النفسية والمؤشرات الصحية لهؤلاء الأشخاص، طبقا لما ورد مؤخرا بموقع “روسيا اليوم”.
كما وردت في البيانات معلومات عن نسب السكر ومعدلات ضغط الدم وحتى الأدوية التي كان يتعاطاها الأشخاص الذين كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض الشرايين.
وخلال فترة جمع البيانات تم إخضاع المشاركين للعديد من الاختبارات النفسية القياسية التي يمكن أن تحدد نسبة تفاؤلهم أو تشاؤمهم، وتم تصنيف الحالة النفسية لجميع المشاركين وفق تصنيف معين.
وبعد معاينة نتائج الدراسة، لاحظ العلماء أن 121 شخصا من بين المشاركين أصيبوا بأمراض القلب التاجية وجميع من أصيبوا بتلك الأمراض كانوا يعانون من التشاؤم.
وأظهرت الدراسات أيضا أن نسبة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ارتفعت بمعدل 2.2 مرة عند الأشخاص المتشائمين أو الذين ينتظرون مستقبلا سيئا لحياتهم.
بالمقابل هناك دراسات أخرى أجراها علماء من نورمبرغ الألمانية كانت قد أكدت سابقا أن الأشخاص المتشائمين يعمرون أكثر من الناس المتفائلين كونهم يتوقعون حدوث المصائب الأمر الذي يجعلهم أكثر اهتماما بأدق التفاصيل التي قد تؤثر على صحتهم.
الحل: فرض المزاج الجيد
مثلما هو الأمر في كثير من الأحيان، يمكن أن نجعل من السلبيات شيئا إيجابيا، والخبر الجيد يقول إن المزاج الجيد أيضا أمر معد، فقد وجد باحثون بريطانيون من جامعة وارويك أن مخاطر الاكتئاب تقل، عندما يحاط المرء بأصدقاء يتمتعون بصحة جسدية جيدة، وبما أنه من المستحيل إبعاد جميع السلبيين من محيط المرء، تبقى إذا هذه الإمكانية: وهي فرض المزاج الجيد على الناس، بدلا من ترك العدوى بالتشاؤم تنسحب علينا.