في كل يوم، يموت 6300 فردا بسبب أمراض متعلقة بمكان العمل، مما يعني وقوع 2.3 مليون وفاة سنوية بسبب ذلك. وتقع 317 مليون حادثة في أماكن العامل سنويا، تتسبب كثير منها في الغياب عن العمل. والكلفة الإنسانية لهذا التحدي اليومي هائلة فضلا عن أن العبء الاقتصادي، بسبب ضعف الممارسات المهنية المتعلقة بالسلامة والصحة، يصل إلى 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي السنوي.
وتقع على جميع الأطراف المجتمعية، من حكومات وقطاع خاص ونقابات وأفراد، مسؤولية العمل المشترك من أجل وضع حد للوفيات والإصابات في مكان العمل. وحيث أن الحكومات مسؤولة عن توفير البنية الهيكلية من قوانين وخدمات ضرورية لضمان استمرار قدرة العمال على العمل ولازدهار الشركاء؛ فإن ذلك يشتمل على تطوير برنامج وسياسة عامة وطنية ونظام تفتيش لتعزيز الامتثال لتشريعات السلامة والمهنية والصحة والسياسة العامة المتصلة بها. وتقع على الطبقة العاملة أيضا مسؤولية العمل بصورة آمنة وحماية الذات وعدم تعريض الآخرين للخطر، مع معرفة الحقوق المشاركة في تنفيذ تدابير وقائية.
العمال الشباب
وقد اختارت الأمم المتحدة، هذا العام، موضوع الصحة المهنية للعمال الشباب كموضوع لإحياء اليوم العالمي للصحة والسلامة في أماكن العمل الذي يصادف يوم 28 أبريل من كل سنة، وذلك في إطار حملة موحدة مع اليوم العالمي لمناهضة عمالة الأطفال الذي سيتم إحياؤه قريبا في 12 يونيو القادم.
ويهدف هذا الاختيار إلى لفت النظر إلى إحدى نقاط الضعف المهمة في مجال تشغيل العمال الشباب، كما يرمي إلى تسريع العمل لتحقيق الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة وبخاصة الغاية الثامنة منه المتعلقة بضمان وجود بيئة العمل المأمونة، والغاية السابعة المتعلقة باستئصال عمل الأطفال بكل أشكاله بحلول عام 2025.
ويشكل العمال الشباب (في الفئة العمرية 15 – 24) ما يقرب من 541 مليون عامل، منهم 37 مليون طفل (أي 15% من القوى العاملة) يعملون في مجالات عمل خطرة ويتعرضون فيها لما نسبته 40% من الإصابات المهنية غير القاتلة.
ولفتت منظمة العمل الدول في آخر تقاريرها إلى أن وتيرة ارتفاع عدد الأطفال العاملين عرفت تباطؤا بين عامي 2012 و2016، فيما تشير التوقعات إلى احتمال أن يبلغ عدد الأطفال العاملين في أنحاء العالم بحلول عام 2025 نحو 121 مليون طفل.
وترمي منظمة العمل الدولية إلى إذكاء الوعي بالأبعاد والعواقب المتصلة بالحوادث والإصابات والأمراض المرتبطة بمكان العمل، فضلا عن رغبتها في وضع صحة العاملين وسلامتهم على جدول الأعمال الدولي وبما يحفز على دعم الإجراءات العملية على جميع الصعد.
ويراد بثقافة الصحة والسلامة المهنية تعزيز الحق في وجود بيئة عمل صحية وآمنة تحترمها الحكومات وأرباب الأعمال والموظفون الناشطون في مجال توفير بيئة العمل الصحية والآمنة، من خلال نظام يحدد الحقوق والمسؤوليات والمهام ويعلي من أولوية مبادئ الوقاية.
أهمية الحماية القانونية
وتؤكد تقارير منظمة العمل أن مكافحة عمل الأطفال تتطلب تحسين الحماية القانونية وإدارة سوق العمل والحماية الاجتماعية، وفرص الحصول على تعليم جيد والحوار الاجتماعي بين الحكومات والشركاء الاجتماعيين، وغيرهم من أصحاب المصلحة المهتمين.
وتعهد المجتمع الدولي بالقضاء على جميع أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2025 باعتماده أهداف التنمية المستدامة عام 2015.
أعمال محظورة
وتوزع التقديرات والاتجاهات العالمية الجديدة في فئات ثلاث: الأطفال النشطون اقتصاديا وعمل الأطفال والأطفال العاملون في الأعمال الخطرة.
وينقسم عمل الأطفال الذي يحظره القانون الدولي إلى فئات ثلاث:
• أسوأ أشكال عمل الأطفال المطلقة التي عرفت دوليا بالاستعباد والاتجار بالبشر والعمل سدادا لدين وسائر أشكال العمل الجبري وتوظيف الأطفال جبرا لاستخدامهم في النزاعات المسلحة وأعمال الدعارة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة.
• العمل الذي يؤديه طفل دون الحد الأدنى للسن المخول لهذا النوع من العمل بالذات (كما حدده التشريع الوطني ووفقا للمعايير الدولية المعترف بها)، والعمل الذي من شأنه إعاقة تعليم الطفل ونموه التام.
• العمل الذي يهدد الصحة الجسدية والفكرية والمعنوية للطفل اكان بسبب طبيعته أو بسبب الظروف التي ينفذ فيها، أي ما يعرف بمصطلح “العمل الخطر”.
دائرة مغلقة
وتشير التقارير إلى أن الغالبية العظمى من الأطفال يعملون في القطاع الزراعي وبأن الاقتصاد غير المنظم يستحوذ على أكبر حصة من عمل الأطفال بغض النظر عن القطاع الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، فإن نوع الجنس يلعب دورا بارزا في تحديد مختلف أنماط العمل التي تؤديها الفتيات أو يؤديها الفتيان. فالفتيات مثلا يستحوذن على الأشغال في المنازل في حين أن الفتيان يعملون على نحو غالب في المناجم والكسارات. ويتساوى الوضع حين يكون نمط العمل مستثنى من أي تنظيم في عدد كبير من البلدان، كما هي الحال مثلا بالنسبة إلى العمل في المنازل.
ويلعب الفقر والصدمات الاقتصادية دورا هاما، وأحيانا حاسما، في تحديد سوق عمل الأطفال. ويسهم عمل الأطفال بدروه في استمرار الفقر. وقد بينت مثلا بعض النتائج التجريبية التي استمدها البنك الدولي من سوق عمالة الأطفال في دولة البرازيل، أن دخول سوق العمل بشكل مبكر يخفض مستوى المداخيل طيلة الحياة بنسبة تتراوح بين 13 و20 في المائة، مما يزيد احتمال البقاء في ربقة الفقر في المراحل التالية من الحياة بشكل كبير.
إلا أن الفقر وحده لا يكفي لتفسير وجود عمل الأطفال كما أنه لا يبرر وجود بعض أسوأ أشكال عمل الأطفال المطلقة. ولفهم عمل الأطفال بشكل أشمل، من الضروري النظر إليه من منظور حقوق الإنسان التي تشدد على أن التمييز والاستعباد هما عاملان مساهمان في استشراء عمل الأطفال. والمجموعات الأكثر تعرضا لعمل الأطفال هي في غالب الأحيان تلك التي تتعرض لمختلف أشكال التمييز والاستعباد من قبيل: الفتيات والأقليات الإثنية والشعوب الأصلية والقبلية والطبقات الأدنى من المجتمع والمعاقون والمهجرون وأولئك المقيمون في مناطق نائية.