الطبقة العاملة تخلد عيد الشغل في تعبئة واسعة لتحقيق المطالب وتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية لكافة الفئات

خلدت الطبقة الشغيلة، يوم السبت الماضي، بمختلف مدن المملكة, ذكرى فاتح ماي، حيث خرج العمال في تظاهرات ومسيرات جابت الشوارع الرئيسية للمدن في مختلف أنحاء المملكة، احتفالا بعيدهم العالمي, وتأكيدا على تشبث موصول يتجدد كل سنة، لتحقيق المطالب المشروعة للعمال.

وجاء احتفال الشغيلة المغربية هذه السنة، متزامنا مع النقاش الدائر حول تقييم نتائج الحوار الاجتماعي بين أطراف الشغل الثلاث، الحكومة والمركزيات النقابية وأرباب العمل، وكذا التدابير المتخذة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على القطاعات الإنتاجية الوطنية الرئيسية التي تشغل يدا عاملة مهمة.

وقد شهدت المسيرات العمالية لهذه السنة نوعا من الفتور، حسب ما سجله المتتبعون، معزين ذلك إلى الخيبة التي عبرت عنها مختلف المركزيات النقابية لنتائج الحوار الاجتماعي. كما أن طغيان تداعيات الأزمة الاقتصادية واشتداد مظاهر الفقر وتدني القدرة الشرائية للمواطنين، ومعاناة شرائح عديدة من العمال من التسريحات الجماعية والبطالة، ساهم في الحضور الملفت لجمعيات العاطلين وتنسيقيات مناهضة الغلاء وعدد من الفئات الاجتماعية المتضررة من مختلف أشكال الاستغلال والتهميش، والتي احتوتها كذلك مسيرات عيد الشغل في تعبير عن تنوع أوجه معاناة الطبقات الكادحة.

وعبرت الطبقة الشغيلة المنضوية تحت لواء مختلف الاتحادات والهيئات العمالية التابعة للمركزيات النقابية، في إطار تجمعات ومهرجانات خطابية ومسيرات جابت الشوارع الرئيسية  لمختلف المدن عبر التراب الوطني، عن رغبتها في تحقيق المزيد من المكتسبات التي تضمنتها ملفاتها المطلبية.

ودعا المشاركون بالمناسبة من خلال الشعارات وما تضمنته بعض اللافتات إلى ضرورة تحسين القدرات الشرائية عبر الزيادة في الأجور ومحاربة ظاهرة الغلاء وإصلاح منظومة الترقية فضلا عن مطالبتهم بتوسيع الاستفادة من الخدمات الصحية. كما حث العمال المنضوون تحت لواء هذه النقابات على ضرورة تعبئة الجميع من أجل تحصين الوحدة الترابية، منددين من جهة أخرى بالعدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ومعربين عن دعمهم الشامل لقضيته العادلة حتى ينعم بالحرية والعيش الآمن في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وتميزت المسيرات العمالية بحضور لافت للمرأة العاملة التي أبت إلا أن تشارك في هذا اليوم العالمي للتنديد بالاستغلال الذي تعيشه داخل الوسط المهني مطالبة بإخراج قانون يجرم العنف بجميع أشكاله ويحقق المساواة والإنصاف في مجال العمل.
المركزيات النقابية تؤكد العزم على مواصلة الكفاح بجانب الطبقة العاملة

وأكد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل المحجوب بن الصديق, في تجمع للعمال المنضوين تحت لواء الاتحاد يوم السبت بالدار البيضاء، أن الاتحاد عازم على مواصلة الكفاح بجانب الطبقة العاملة التي أرخت لأروع الملاحم البطولية في تاريخ المغرب.

وأعرب الأمين العام للاتحاد، عن قلق الاتحاد تجاه الأوضاع العامة التي تعيشها الطبقة العاملة جراء “تدهور وضعيتها المادية والاجتماعية وقدرتها الشرائية في مواجهة الارتفاعات المتتالية في المواد الأساسية”.

ودعا الأمين العام للاتحاد أرباب العمل إلى تطبيق مدونة الشغل والقوانين الاجتماعية، مبرزا ضرورة تدعيم آليات مراقبة تنفيذ قوانين الشغل.

وأضاف أن الاتحاد يجدد موقفه في الدفاع عن الحقوق المكتسبة للطبقة العاملة بما فيها حق الإضراب والحق النقابي وحق التفاوض.

وذكر بن الصديق، من جهة أخرى، بأن فاتح ماي لهذه السنة يتزامن مع تخليد الاتحاد المغربي للشغل للذكرى الخامسة والخمسين لتأسيسه.

من جانبه، أكد علال بلعربي عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل في تجمع أخر يوم السبت بالدار البيضاء، على أن الحوار يشكل المنهج الأنجع لمعالجة قضايا ومطالب الأجراء. وأوضح أن (ك.د.ش) راهنت على هذا الحوار من أجل حفظ التوازن لعالم الشغل الذي يعرف الكثير من المتغيرات بفعل العولمة والمنافسة الرهيبة.

وبعد أن ذكر، خلال الحفل الجماهيري الذي نظم بالمناسبة، ببعض اللقاءات بين النقابات والحكومة في إطار الحوار الاجتماعي سنتي 2008 و2009، أكد مجددا على أن الملف المطلبي لهذه المركزية النقابية في شموليته، يتضمن بشكل خاص الزيادة العامة في الأجور، وتطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور، والزيادة في التعويضات، وتنظيم ترقية استثنائية ومراجعة منظومة الترقي، ومباشرة إصلاح حقيقي لنظام التقاعد، وتعميم التعويض عن المناطق النائية على جميع القطاعات، واحترام الحريات النقابية.

وفي معرض تطرقه للقضية الوطنية، التي اعتبرها الانشغال الأول لهذه النقابة ولكل المغاربة، أكد على أهمية “تعبئة الذات الوطنية في كليتها والاعتماد على النفس للتصدي لخصوم الوحدة الترابية”.

وأكد عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، في كلمة بمناسبة تخليدها لعيد الشغل المنظم هذه السنة تحت شعار “تأمين الحقوق الأساسية دعامة لبناء جهوي ديمقراطي ومتضامن”، تشبث الفيدرالية بحوار اجتماعي جاد ومسؤول ومنتج يسير وفق منهجية واضحة ومتوافق بشأنها، وعزمها على مواصلة مسيرة التنسيق النقابي مع باقي المركزيات النقابية لتدبير المحطات المقبلة خاصة تلك المتعلقة بالحوار الاجتماعي.

ومن جهته، دعا الاتحاد الجهوي لجهة الرباط سلا زمور زعير التابع للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إلى تطبيق مقتضيات مدونة الشغل ومعالجة الملفات الإدارية للموظفين والعمال “دون تماطل”.

ودعا الاتحاد الجهوي خلال تجمع خطابي نظم السبت قرب بوابة منتزه حسان بالرباط تحت شعار “نضال متواصل من أجل الحريات النقابية والعدالة”، بمناسبة الاحتفال بفاتح ماي، إلى صون المكتسبات وتسوية الملفات العالقة في العديد من القطاعات، كالتعليم والصحة والمالية والبريد النقل والإسكان الجماعات المحلية. وتلا عبد القادر طرفاي، بالمناسبة، كلمة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمناسبة فاتح ماي، والتي دعا فيها إلى تطبيق مقتضيات مدونة الشغل والرفع من الأجور بما يتناسب مع الانهيارات المتلاحقة في القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة موجات الغلاء المتواصلة، وضمان حق الشغيلة في تقاعد كريم يؤمن مستقبلها ويحفظ مكتساباتها عبر إصلاحات أنظمة التقاعد وصناديقها وخصوصا النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. دعا الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل السيد علي لطفي إلى إرساء مجتمع أكثر عدلا وإنصافا للجميع، يضمن جميع الحقوق للطبقة الشغيلة.

وأكد لطفي في تجمع خطابي السبت بساحة باب الأحد بالرباط تحت شعار “مجتمع للجميع أكثر عدلا وإنصافا” على ضرورة تبني رؤية إنسانية جديدة في السياسة المتبعة من طرف الدولة من أجل معالجة الاختلالات بمختلف جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وأيضا الأخلاقية.

وأشار إلى أن اختيار شعار “مجتمع للجميع أكثر عدلا وإنصافا” يعبر عن المواقف الرافضة للاستغلال والظلم الاجتماعي، ويجسد المواقف الرامية إلى ضرورة تعزيز وتقوية المسيرة النضالية العمالية من أجل إقامة مجتمع العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية والعيش الكريم.

Top