قبل شهور افتتح الملك جامعة للعلوم والتقنية في غرب البلاد يعمل فيها الباحثون والباحثات جنبا إلى جنب، وهي المؤسسة التعليمية الوحيدة في المملكة التي يسمح فيها بالاختلاط بين الرجال والنساء، ولا يشترط فيها أن تلبس المرأة (العباية)، كما انه يسمح لها بركوب السيارة وسياقتها وهو ما يمنع على النساء في كل المملكة.
لقيت الخطوة الملكية رفضا من لدن عدد من رجال الدين ،بما في ذلك من داخل ما يعرف ب (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وانتقل الجدل إلى الصحف و الأوساط الدينية والى مواقع الانترنيت حيث دعا أحد رجال الدين إلى (قتل كل من يسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم…)، ويوم الجمعة الماضي أقدمت صحف سعودية، على نشر صورة تظهر الملك وولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز محاطين بنحو ثلاثين امرأة من المشاركات في منتدى عقد في منطقة نجران، ومثلت الصورة ردا ملكيا قويا تجاه المتشددين الدينيين، وإعلانا عن عدم التراجع.
إن ثقل التفسير الديني المتزمت، وما راكمه الغلاة عبر عقود من قناعات وتمثلات في عقول الناس، بالإضافة إلى ضعف الوعي الثقافي، وغياب أية دينامية سياسية في البلد، كل هذا يجعل خطوات الإصلاح في المجتمع وفي الدولة تتحرك ببطء كبير،وترتبط في الغالب برأس السلطة، وعندما يختار الملك عبد الله وضع مكانته وهيبته في مواجهة غلاة التزمت الديني، والانتصار للمرأة السعودية، فان ذلك يعني أن شيئا ما يتحرك في شبه جزيرة العرب.
لقد سجل الكثيرون إقدام عاهل السعودية في السنوات الأخيرة على خطوات لم تكن دائما ترضي حراس الجهل والتزمت في بلده، لكن كون الخطوة الأخيرة على صلة بقضية المرأة، فهي تعني بداية تلمس خيط الإصلاح الحقيقي.
لقد جاء نشر صورة الملك مع نساء بلده،في نفس الفترة التي نشرت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية حوارا مع ابنته الأميرة عادلة أكدت خلاله أنها مستمرة ،بدعم كامل من والدها، في مشروع تطوير واقع المرأة في السعودية، وتحدثت عن الاختلاط وعن رفض زواج القاصرات وعن الحجاب وعن الفيسبوك…
هل سيبد أ الإصلاح السياسي والتنمية الديمقراطية في السعودية وفي كل الخليج من إصلاح أوضاع المرأة؟
ممكن، لكن الأساسي اليوم أن حراكا داخليا مهما تشهده السعودية و دول خليجية أخرى، والملك السعودي التقط الإشارة، وأدرك اتجاه السير، وجاءت الصورة /الحدث تلخص كل الدلالات.