لصوت فيروز..

أقيمت أمس الاثنين وقفات احتجاج في العاصمة اللبنانية بيروت، وفي مدن عربية أخرى، تضامنا مع كبيرة الغناء العربي السيدة فيروز، ورفضا لمنعها من…الغناء. القصة، ملخصها أن ورثة منصور الرحباني يرفضون أن تعيد أرملة عمهم عاصي تقديم أعمال الرحابنة من دون إذنهم ومن دون مقابل مادي عن ذلك، ومنذ مدة يمطرون الفنانة الكبيرة بالإنذارات القضائية الموجبة للمنع، وبالتالي حرمان الجمهور من  حوالي 25 عملا فنيا، هي قمة نضج التجربة الرحبانية، مثل : موسم العز، صح النوم، يعيش يعيش، لولو وغيرها.
التصدع وسط هذه الأسرة اللبنانية الشهيرة، ليس حديثا، إنما بدأ بتوتر في علاقة منصور وأبنائه من جهة وأبناء عاصي وفيروز من جهة أخرى، ثم خرج من دائرة العائلة إلى العلن وإلى ساحات المحاكم، حتى وصل إلى…المنع من الغناء.
إن فيروز والتجربة الرحبانية ككل، أكبر من كل هذا الإسفاف، كما أن كل أحكام الدنيا وكل القوانين لن تستطيع أن تمنع الناس من الاستماع إلى فيروز وصوتها الملائكي.
إن تجربة الرحابنة نفذت إلى أعماق الناس، بفضل التناغم الإبداعي والإنساني الكبير بين الشقيقين عاصي ومنصور، حتى أنه لم يكن  بإمكان الكثيرين  معرفة من المؤلف ومن الملحن لهذا العمل أو ذاك، وكان الكل يتحلق حول بهاء العمل وحول … صوت فيروز.
ما يجري اليوم فيه احتقار لبهاء هذا المنجز الفني العظيم، ولذاكرة لبنان، ومن مسؤولية كافة اللبنانيين التدخل لحماية إرثهم /إرثنا الإنساني، والترفع عن الصغائر.
ما حصل في لبنان مع الكبيرة فيروز، هو إلى حد ما  ما تحدث عنه مؤخرا الشاعر عبد اللطيف اللعبي، لدى استضافته في القناة الثانية، بشأن حالتي الأديب الراحل محمد شكري، والفنان التشكيلي الراحل محمد القاسمي، ومصير ما خلفاه من ثروة إبداعية هي ملك معنوي للمغرب ولذاكرة المغاربة كلهم.
القوانين وجدت لتنظيم مصالح الناس وعلاقاتهم، ولإيجاد مخارج لمشكلاتهم، ولذلك فمن غير المقبول أن تتحول إلى أدوات لتخريب ذاكرتنا الفنية والثقافية الجماعية، وإهانة رموزنا ومبدعينا في آخر عمرهم أو بعد رحيلهم إلى دار البقاء.
خلال الوقفات الاحتجاجية ليوم أمس تضامنا مع فيروز، عزفت فرقة الفصول الأربعة في وقفة القاهرة وغنت أغنية من ألبوم : «كيفك أنت ؟» لفيروز، والتي يقول مطلعها : «أنا صار لازم ودعكن»، وهي من تأليف وتلحين زياد الرحباني نجل الفنانة الكبيرة.
عشاق الصوت السماوي لفيروز يصيبهم الرعب عندما تقول  فنانتهم: «أنا صار لازم ودعكن»، ويصرون على رفض جعل القوانين وسيلة لتحقيق مثل هذه الفجاعة…
ومع ذلك، سنواصل الاستماع لفيروز، وسنبقى نتذكر القاسمي وشكري وكل المبدعين.

Top