كفاءاتنا المهاجرة

التقى هذه الأيام بجامعة الأخوين بإيفران حوالي 500 شاب مغربي من أبناء جاليتنا في الخارج قدموا من 30 بلدا، بمبادرة من مجلس الجالية والوزارة الوصية.. وتزامن ذلك مع تقديم نتائج استطلاع للرأي أجري وسط الشباب المغربي المقيم في عدد من البلدان الأوروبية.
ومن ضمن خلاصات الاستطلاع المذكور، أن 94 في المائة من الشباب المغاربة المقيمين خارج الوطن يشعرون بأنهم مغاربة، وأن 91 في المائة منهم يعتبرون من المهم جدا أو من المهم الحفاظ على علاقتهم بعائلاتهم في المغرب.
وبقدر ما بين الاستطلاع ارتباط الشباب المغربي المهاجر ببلده الأصلي، فإنه كشف أيضا عن الاندماج القوي لديه في بلدان الاستقبال.
عندما نسجل مثل هذه الخلاصات، وندرك أيضا وجود العديد من الكفاءات عالية المستوى ضمن أبناء الجالية، ينبري السؤال الجوهري: كيف يمكن للمغرب أن يستفيد منها  ويشركها في مسلسلات التنمية والبحث العلمي داخل الوطن؟
إنه السؤال الذي توقف عنده أيضا رئيس جامعة محمد الخامس أكدال خلال استضافته في برنامج «حوار» على القناة الأولى، أول أمس، وقدم معطيات لافتة عن تواجد أطر مغربية في مواقع علمية وجامعية عالية بأوروبا وأمريكا، وأيضا في الصين، وهي على استعداد للدخول إلى المغرب والإسهام في منجزه العلمي والتنموي، مشددا على ضرورة اعتماد خطة حكومية واضحة ودقيقة من أجل تحقيق هذا الهدف، وتوفير الموارد المالية اللازمة لذلك.
إن العمل الهام الذي يقوم به مجلس الجالية، إلى جانب كافة شركائه، والدينامية النضالية التي يتحلى بها رئيسه، تستدعي تكثيف هذه الجهود، والانتقال بقضايا وإشكالات الجالية من دائرة المطالب العمومية، والتي تصل أحيانا إلى تبسيطية جامدة، إلى استحضار التحديات الراهنة للموضوع، وكل تعقيداته واختلافاته، وكذا كل الإشكالات التي تحيط ببعض المطالب…
إن الجالية المغربية في الخارج تشهد منذ سنوات العديد من التحولات بداخلها، كما أن العالم بدوره يعيش تحولات أساسية، ما يفرض مقاربات متساوقة مع هذا المحيط المتحول.
إن شباب مغاربة العالم يتميزون اليوم بوجود أطر علمية وفاعلين اقتصاديين وسياسيين ضمنهم، ويمتلكون آراء ومواقف، ولتعزيز التواصل معهم وإنجاح مشاركتهم في النهوض ببلادهم، من الضروري الاهتمام بديناميتين كبيرتين، تتعلق الأولى بالإصلاحات والجهود التي تعنى بقضايا الهجرة وبمطالب المهاجرين، في حين تتجسد الدينامية الثانية في الإصلاحات التنموية والديمقراطية الكبرى التي ينخرط فيها المغرب، حيث أن النجاح في مساراتها يمثل تحفيزا لهذه الطاقات المقيمة في بلدان ديمقراطية قصد الارتباط ببلدها الأصلي والانخراط في انشغالاته الأساسية.

Top