روس يعترف

أخيرا نطق كريستوفر روس، ليصرخ في وجه الكل محذرا مما أسماه « تدهورا خطيرا» قد يقع في نزاع الصحراء، إذا لم تبادر الدول الكبرى ومجلس الأمن الدولي إلى الضغط على الأطراف المعنية لتبني مواقف لينة. وقد عبر الديبلوماسي الأمريكي عن هذه القناعة، من خلال رسالة قيل إنه وجهها إلى مجموعة «أصدقاء الصحراء»، أي  إسبانيا، فرنسا، الولايات المتحدة، بريطانيا  وروسيا، وهو ما  يليق ليكون عنوانا معبرا عن المرحلة التي وصل إليها هذا النزاع المفتعل.
المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وبعد سنتين على تعيينه في منصبه، يكتشف أنه لن يستطيع فعل شيء، ويقرر رمي الكرة في ملعب الدول الكبرى.
المآل الذي سيختاره  روس لنفسه مستقبلا  لا يهم كثيرا، بقدر ما أنه في غاية الأهمية اليوم طرح السؤال  عن الحلقة المفقودة في كل هذا اللف (الديبلوماسي) من طرف المجتمع الدولي.
المغرب تجاوب مع رغبة الأمم المتحدة ومع منطوق مقرراتها، وأقدم، في خطوة غير مسبوقة على طرح مقترح الحكم الذاتي، وفقط قبل سنوات قليلة  ما كان لأحد في العالم أن يتخيل أن المغرب قد يقدم على مثل هذه الخطوة التي وصفها العالم بالجدية وذات المصداقية…، فماذا قدم الطرف الآخر مقابل ذلك؟
الجواب على هذا السؤال، يقودنا طبيعيا إلى تحديد الطرف المفروض أن يتجند العالم كله للضغط عليه، وأيضا الطرف الذي يفتقر فعلا إلى الإرادة السياسية للانخراط في مفاوضات جدية لوضع حد للنزاع.
الكل تابع في الشهور الأخيرة موجات  الفرار من مخيمات تيندوف نحو الوطن، كما شاهد العالم كله مؤخرا المفتش العام في شرطة البوليساريو وهو يعلن من مدينة السمارة المغربية تأييده لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، وقبله تابع المراقبون تصريحات أحد «كبار العائدين»، وهو فيليبي، والشخصيتان معا واصلتا طريق عدد من مؤسسي الجبهة الانفصالية الذين يتواجدون اليوم  داخل وطنهم، وبالتالي فالكل يدرك الآن  أين يوجد النزيف، وأيضا من هو الطرف الذي لا يتحكم في إرادته أو في قراراته لكي يقدم على صنع الحل.
هذا ما يجب أن يقوله روس اليوم، وأن يتوجه بالكلام في اتجاه تيندوف، أو على الأصح في اتجاه قصر المرادية في الجزائر حيث تعد القرارات والمواقف، ومن هناك تسلم لمسؤولي الجبهة لتنفيذها والترويج لها.
المغرب لم يعد لديه ما يقدمه، على الطرف الآخر أن يخرج من جموده، وعلى روس أن يقولها بصراحة.

Top