الحاجة إلى الإصلاح

عاد حزب التقدم والاشتراكية للتشديد على حاجة البلاد إلى  إصلاحات سياسية عميقة، تهم  منظومة الانتخابات، بما في ذلك نمط الاقتراع، وقانون الأحزاب، وغيرها من التدابير الكفيلة  بإعادة الاعتبار للعمل السياسي والحزبي، والرقي بدور الأحزاب السياسية بما يعزز مسار البناء الديمقراطي. وكانت العديد من الأحزاب قد  نادت بدورها  بالإصلاحات السياسية، كما أن الوزير الأول سبق أن وعد بفتح مشاورات قريبة بهذا الشأن مع الهيئات السياسية في أفق استحقاقات 2012.
الجيل الجديد من الإصلاحات إذن، لا يجسد اليوم حسابا انتخابويا، إنما هو مطلب المرحلة، والمدخل لإضفاء نفس جديد  في مسارنا الديمقراطي.
من جهة أخرى، فإن إعادة الاعتبار للعمل الحزبي، وجعل ممارستنا الانتخابية والبرلمانية ناضجة ومؤهلة، كل هذا يمر من خلال إصلاح حقيقي  للقوانين الانتخابية ولنمط الاقتراع ولأنظمة المؤسسات التمثيلية ولقانون الأحزاب، وبالتالي فإن الإصلاحات المذكورة لها ارتباط وثيق اليوم بسؤال … السياسة  في المغرب .
وإن بعض الظواهر التي تبرز من حين لآخر في سماء حياتنا السياسية والإعلامية، تعطي الدليل أننا فعلا في حاجة إلى أحزاب قوية لها تاريخ وإمكانيات للعمل واستقلالية في القرار، وفي المغرب، برغم كل  «التشيار» الجاري هذه الأيام ضد القوى الديمقراطية، فإن تربة هذه البلاد عرفت أحزابا حقيقية منذ عقود، وهي التي بقيت صامدة برغم كل العنف والقساوة اللذين ميزا مغرب سنوات الرصاص، ووجودها ونضاليتها هما اللذان أكسبا المغرب ما يحياه اليوم.
وعندما  يفكر بعض  «عباقرة» هذا الزمان، ويخترعون طبخة بائتة يقتنعون أنه بفضلها سيمتلكون بين عشية وضحاها حزبا كبيرا يمسح للمغاربة ذاكرتهم، وحتى عندما تساق إليهم كل الجحافل وجميع المنصات، فإن «نزلة برد» واحدة عندما تعبر تجعل الكيانات المصطنعة عارية، وتبدأ في العويل،  ووحدها البلاد تبقى حزينة لأن شاردين يصرون على تجريب طبخات بائتة، غير مبالين بكل الوعكات التي يلحقونها بالبلاد وبالسياسة فيها…
الخلل الحقيقي هنا، أي عندما يتحول الكل اليوم إلى معاول لا تتوجه سوى إلى «الحائط القصير» المتمثل في الأحزاب، وصارت البلاد وجميع واجهات الضوء تعج بمنظرين وبمحللين وبخبراء، وكلهم يدعون قدرة خارقة لجعل عفريت السياسة ينطق بين تعاويذهم ويعلن الطاعة والولاء لحروزهم، وعند البحث في سير هؤلاء  الكهنة نجدهم بلا …أثر  أو …معرفة حتى.
البلاد في حاجة إلى الأسئلة الحقيقية، والرهان لا يسمح في كل مرة بتكرار البدايات، وتجريب الطبخات…

Top