الحرب…صورة

خف الغضب المغربي من الصورة السلبية التي قدمت بها المرأة المغربية في أعمال درامية عربية بثت خلال الشهر الكريم، وصدرت «اعتذارات» من هنا وهناك، في مقابل احتجاجات عبرت عنها أوساط مغربية عديدة، وتطرقت إليها الصحف، حتى أن بعضها زاد من عنده حبات مبالغة وهستيريا. أولا، إن ما راكمته النساء المغربيات من مكتسبات حقوقية وثقافية، واضح بالمقارنة مع نساء بلدان الخليج خصوصا، وهذا ليس تشفيا، إنما  من باب الإقرار بواقع موجود منذ سنوات، وأيضا دليل واقع سويسيو ثقافي في المجتمعات المشرقية، ويفسر نظرتهم هناك للمرأة بصفة عامة.
ثانيا، الأمر يتعلق هذه المرة بأعمال فنية بثتها قنوات، ومن ثم كان يجب أن يتركز النقاش في موضوع «صورة المرأة المغربية في الإعلام»، ويتم التفكير في خطط وبرامج لتصحيح هذه الصورة، وتحريرها من التمثلات المحافظة والمتخلفة، أما تسييس الملف برمته، وجعل الخطاب والغضب متوجهين إلى الحكومات ووزارات الخارجية، وكيل السباب لهم ولشعوبهم بإطلاقية مقززة، فهذا يجعل رد الفعل أكثر تخلفا من الفعل نفسه.
ثالثا، دعارة المغربيات في بلدان الخليج والشرق العربي ظاهرة موجودة،  وهي أمر واقع، وقيل وكتب بشأنه الكثير منذ سنوات، بما في ذلك ما يتعلق ب «فنانات» منتشرات في الخليج وأيضا في لبنان وسوريا كنقط عبور أساسا، وهذه المأساة تديرها عصابات إجرامية، ولها وسطاء وسماسرة ومتواطئون هنا في المغرب وهناك في الدول المشار إليها، وقد صرخت نقابات فنية مغربية في مناسبات كثيرة للتنديد بهذا الواقع، وطالبت باتخاذ إجراءات زجرية في حق المتسببين فيه، وبدون ذلك، فإن الظاهرة تتواصل وتستمر في إعادة إنتاج صور وتمثلات عن المرأة المغربية وسط الأسر والمجتمعات الخليجية والمشرقية.
رابعا، إن الصورة هي التي أثارت كل هذه الزوبعة الرمضانية، وبالتالي فالدرس الواجب التمعن فيه هنا، يرتبط بفقرنا لعتاد الصورة في هذه الحرب الفضائية والثقافية.
قنواتنا لا تستطيع أن تفرض نفسها في سوق المشاهدة العربية، في رمضان أو في غيره من الشهور، بل إنها لا تصمد أمام المنافسة المشرقية حتى داخل المغرب، وهذا سيجعلنا دائما نواجه قوة الصورة بالبلاغات وبالكلمات، والكل يعرف أن  المواجهة هنا تفتقد إلى التكافؤ.
إن المغرب المعتز بما بلغته نساؤه، والمعتز بمكتسباته الديمقراطية والسياسية والتحديثية، في حاجة إلى إعلام وطني مهني يروج هذه الصورة خارج الحدود، وهو في حاجة إلى الكفاءة المهنية والوضوح في الرؤية للقيام بذلك.
الحرب اليوم صورة …

Top