تواصل المنظمات الحقوقية الإسبانية والدولية، وأيضا مفوضية اللاجئين صمتها تجاه قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، وصار الملف اليوم بمثابة امتحان حقيقي للضمير الحقوقي الكوني. ولد مولود عمل في صفوف جماعة البوليساريو مسؤولا أمنيا رفيعا، وعندما زار أهله في السمارة، وعقد ندوة صحفية بها، عبر خلالها عن مواقف مؤيدة للمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي، جن جنون القيادة المتنفذة في تيندوف، وقضت بمنعه من العودة إلى المخيمات، واعتبرته «خائنا»، وهددته بالاعتقال إن حاول دخول المخيمات…
وفق المعايير الحقوقية الكونية، فإن ولد مولود هنا يتعرض للتضييق بسبب آرائه التي عبر عنها بشكل سلمي خلال الندوة الصحفية.
والأنكى من هذا، أن أسرته بدورها تعاني من تجييش مجموعات من الناس أمام مسكنها في المخيمات بغاية ترهيبها وتخويفها ومحاولة التأثير على ولد مولود لثنيه عن مواصلة طريق العودة إلى حيث ترك ذويه، وهذه الممارسات أيضا تندرج في إطار تهديد حياة وسلامة أسرة المعني بالأمر وأطفاله بسبب ما عبر عنه هو من آراء وأفكار.
من جهة ثانية، تثير قضية مصطفى سلمى مع جماعة عبد العزيز اليوم جانبا آخر من الحكاية لا يخلو من دلالة، حيث أنه العائد الوحيد تقريبا الذي جن جنون البوليساريو لقراره، ويفسر ولد مولود نفسه الأمر على أنه يتعلق «بالصحراويين الأصليين»، كونه من قبيلة الركيبات الكبيرة والعريقة وذات النسب الشريف المتجذر في الارتباط بالمغرب، عكس كثير من «قادة» الجبهة، المنحدرين من مالي ومن موريتانيا، ويزيد مؤكدا على أن قيادة تيندوف أدركت أن «الخطر وصل إلى نقطة اللارجوع».
الجبهة الانفصالية تلقت اليوم ضربة موجعة عرت طبيعتها وكشفت عن كل العورات، وهي اليوم تؤكد هذا من خلال الاستنفار الكبير داخل المخيمات، حتى أن الكثيرين يتوقعون حملات قمعية على غرار ما كان قد جرى عام 1988، وأقدمت على تأجيل «مؤتمرها»، وتحرك كل أصواتها في الخارج للتشنيع بولد مولود، ولترهيب عائلته في تيندوف، وحتى الاستخبارات الجزائرية تلقت لطمة في وجهها نتيجة شجاعة مصطفى سلمى، ولا تعرف اليوم كيف تنفك من الورطة.
المغرب اليوم في موقع يؤهله للانتقال إلى سرعة أكبر على الصعيد الديبلوماسي، وتحميل المنتظم الدولي المسؤولية عن حياة وسلامة ولد مولود وأسرته، وثانيا من أجل استخراج الخلاصات اللازمة من كل هذا الذي يحصل لجماعة عبد العزيز.