جماعات «القاعدة» تسيطر هذه الأيام على الأخبار، سواء في فرنسا أو في منطقة المغرب العربي وبلدان الساحل الإفريقي.. والمغرب، بحكم موقعه، يوجد في عمق هذا الانشغال الأمني والاستراتيجي، وله القلق ذاته الذي يعبر عنه اليوم المجتمع الدولي برمته جراء ما يحدث خصوصا في منطقة الساحل. خبراء الأمم المتحدة يؤكدون، من جهتهم، أن غياب التنسيق الأمني بين دول الساحل والصحراء من شأنه أن يجعل نشاط «القاعدة» وحلفائها يتوسع ليصل أيضا إلى نيجيريا وبوركينا فاسو، ما سيمثل خطرا أكبر على المنطقة كلها، وسيمثل، في نفس الوقت، خطرا جيواستراتيجيا.
وهنا لا بد أن نستحضر الدور الجزائري في إضعاف هذا التنسيق الأمني على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك إثر إصرارها على الاستفراد بزعامة متوهمة في المنطقة، وتعمدها إبعاد المغرب عن كل تنسيق، كما جرى سابقا أثناء اجتماع أمني إقليمي عقد في الجزائر، ما يجعل هذا الافتقار إلى النضج من أكبر المخاطر المهددة اليوم للمعركة ضد الإرهاب في المنطقة.
وقد كان واضحا، عقب محادثات جلالة الملك في نيويورك مع الأمين العام الأممي، تأكيدهما على «أهمية اتخاذ مبادرة جماعية توافقية ودون إقصاء من أجل مواجهة الوضع الأمني المقلق بمنطقة الساحل والصحراء»، ويعبر هذا عن رسالة واضحة للجزائر، وهو كذلك ما تنادي به الرباط باستمرار، لكنها تصطدم بتعنت البلد الجار، ما جعل المغرب يعزز تنسيقه وتعاونه على المستوى الثنائي مع البلدان المعنية مثل موريتانيا والنيجر وغينيا، بالإضافة إلى تجاوبه المستمر مع الجهود الأوروبية والأممية على هذا الصعيد.
وعندما تدور حرب «القاعدة» في الجارة موريتانيا، فإن المغرب يصير معنيا بشكل رئيسي، اعتبارا لمنطق الجغرافيا والموقع، وأيضا لكون هذه الساحة لا تخفى أهميتها الاستراتيجية في معركة المملكة من أجل وحدتها الترابية، وهنا مرة أخرى يصير التنسيق الأمني المغاربي مهمة مستعجلة، ويأخذ التعنت الجزائري صفة الخطورة حقا.
المغرب، في كل الأحوال، مدعو لمواصلة يقظته، وتكثيف استعداده لمواجهة الإرهاب، حماية لأمنه واستقراره، ودفاعا عن مشروعه الديمقراطي الحداثي.