حظي الرواق المغربي في معرض شنغهاي العالمي بإعجاب كل الزوار، ونال إقبالا كثيفا من الصينيين ومن باقي زوار المعرض الضخم المقام حاليا في العاصمة الاقتصادية والمالية للصين. وخلال الاحتفال الرسمي أول أمس بيوم المغرب في المعرض، اعتبر المسؤولون الصينيون أن مشاركة المملكة في شنغهاي تساهم في مزيد من التفاهم والتعاون متعدد الأوجه بين البلدين اللذين أقاما علاقات دبلوماسية قبل 52 سنة.
إن نجاح مشاركة المغرب في معرض شنغهاي، والتمكن من نيل إعجاب الجمهور الصيني وتطلعه إلى التعرف على بلادنا، يطرح من جديد أهمية الانكباب على تطوير علاقات المغرب مع العملاق الأسيوي.
لقد تميزت العلاقات المغربية الصينية دائما بالهدوء وبتفاهم قام على احترام السيادة الوطنية، وعلى السعي المشترك لتطوير المبادلات التجارية والاقتصادية، لكن الحاجة ملحة اليوم إلى الانتقال بهذه العلاقات إلى مرحلة جديدة تستثمر إمكانات الرباط وبكين على هذا الصعيد، وأيضا ما توجبه تطورات الخارطة العالمية.
لم تعد العلاقات الدولية اليوم محكومة بذات الانشغالات الإستراتيجية والعسكرية، التي سادت في مرحلة الحرب الباردة، إنما طفت على السطح محددات أخرى اقتصادية وأمنية وتنموية صارت مؤثرة في العلاقات بين الدول، ومن هنا فبلادنا مطالبة بالتكيف مع هذا المحيط العالمي الجديد والحرص على استثمار ما يوفره من إمكانات، وبالتالي فإن تعزيز العلاقات مع بلد كبير مثل الصين، يتيح للمملكة توسيع جغرافية مصالحها داخل عالم يشهد الكثير من التحولات والتعقيدات.
إن العلاقات الثنائية مع الصين، وأيضا التموقع الجيد داخل منظومة التعاون الصيني الإفريقي المتنامي في السنوات الأخيرة، سيعززان انفتاح المغرب على جغرافيات غير تقليدية في سياسته الخارجية والاقتصادية، وسيفتحان آفاق جديدة لصادراتنا ولسياحتنا ولبرامجنا المتعلقة بجذب الاستثمارات الأجنبية.
إن الأخبار التي تنقلها الصحف المغربية المواكبة لمشاركة المغرب في معرض شنغهاي، تتحدث عن شراكة اقتصادية وصناعية بين الرباط وبكين بصدد الإعداد، وقد تتمخض عن منطقة صناعية صينية كبيرة شمال المملكة، كما أن تواجد وزير السياحة ضمن الوفد الرسمي المشارك في المعرض يفتح الباب لتطلع المغرب للاستفادة من إقبال الصينيين على السفر خارج بلادهم، ومن بروز طبقة غنية في الصين الجديدة بإمكانها أن تكون زبونا للسياحة المغربية، علاوة على تقوية المشاريع التجارية والتصديرية، ومجالات التعاون المعروفة مثل الفوسفاط والطاقة وغيرهما.
الصين الجديدة، وإن كان المغرب بعيدا عنها جغرافيا، فإنهما معا يلتقيان في التشبث بهويتهما الوطنية، وبانفتاحهما الإيجابي على العصر، ويمتلكان مقومات ترسيخ تعاون وشراكة نموذجيتين.