تفتيش الجماعات

يتابع المواطنون في مدن مختلفة أخبار حلول لجان تفتيش بهذه الجماعة أو تلك، وتنتشر وسط الناس معطيات منها ما هو حقيقي، ومنها ما يندرج ضمن تصفية حسابات انتخابوية بين الأطراف، والغائب هنا هو مصدر رسمي يقدم المعلومات الحقيقية للرأي العام ولوسائل الإعلام، خاصة أن الأمر يرتبط بتدبير مجالات تهم الحياة اليومية للسكان، ثم إن غياب هذه المعلومات المؤكدة حول طبيعة التفتيش ونتائجه يجعل عددا من المنتخبين عرضة للتشنيع، من دون وجه حق.
لقد جاء وزير الداخلية إلى البرلمان مؤخرا، وتحدث عن 228 مهمة افتحاص تمت إلى غاية منتصف أكتوبر الماضي، وأعلن أيضا أن المفتشية العامة للإدارة الترابية تعتزم القيام ب 83 مهمة افتحاص أخرى تهم حسابات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعشر مهام لافتحاص المشاريع الموجودة في وضعية صعبة، وغير ذلك …، وتبقى هذه الآليات إيجابية من حيث المبدأ، ولا تخفى أهميتها بالنسبة لعمليات المتابعة وكشف الخروقات، كما أن عددا منها قد تكون عادية، ولا ترتبط بأية فضائحية، لكن مع ذلك لا بد من التفكير في المواكبة التواصلية لها، بما يجعلها دافعا لتخليق تدبيرنا الجماعي، وفي تأهيل مجالس الجماعات ومختلف مصالحها.
من جهة ثانية، فقد سبق لعدد من المنتخبين والسياسيين أن تحدثوا، على هامش الدخول البرلماني الأخير، عن إقدام جهة حزبية معروفة على التلويح بورقة لجان التفتيش في وجه رؤساء جماعات بغاية التخويف والضغط لتغيير انتماءاتهم الحزبية، وبقدر ما أن الأمر كان يستدعي فتح تحقيق بهذا الخصوص، فإن تعزيز التواصل وتعميم معطيات هذه المهمات التفتيشية، قد يساهم في تكريس الوضوح، وأيضا سحب هذه الورقة من يد كل من يفكر في استغلالها لابتزاز منتخبين ورؤساء جماعات.
إن جماعاتنا المحلية، قروية وحضرية، تشهد بالفعل كثير اختلالات، ويتواجد ضمن مجالسها وبين موظفيها العديد من المفسدين، وكثير من هؤلاء اغتنوا على حساب هذه الجماعات، والناس يعرفونهم بالاسم وبالعنوان وبالملامح والسلوكات التي تغيرت، وبالأحوال التي تبدلت، وهذا الواقع يتطلب انكبابا جديا وشموليا بغاية الإصلاح والتأهيل والتخليق.
الإصلاح يعني القوانين والأنظمة، ويعني الإطار الانتخابي العام، ويعني تأهيل الإدارة الجماعية، وتحسين أوضاع العاملين فيها، ويعني الصلاحيات والموارد المالية، ويعني الوصاية، وكثير أشياء أخرى..
الإصلاح يعني أن نصل إلى جماعات تسيرها كفاءات سياسية وتدبيرية، وفق مخططات تنموية واضحة ومدروسة، وترتبط بالساكنة، أما التفتيش فيجب أن يكون واضحا، ويعطي نتائج، وتعمم معطياته.

*

*

Top