الرياضة والتحايل في تطبيق الديمقراطية…

نعود مرة أخرى لطرح سؤال أزلي” هل الديمقراطية بشكلها الحالي ما تزال صالحة بالرياضة الوطنية؟”.

سؤال يبقى مقلقا ودون إجابة، أمام ما نشاهده ونعيشه، بل ونلمسه يوميا من ممارسات، ونقبل به مجبرين، وكأننا أمام عجز واضح، بدون ردة فعل…

ففي الوقت الذي اختار فيه المغرب، -كدولة- الخيار الديمقراطي بجميع مناحي الحياة، والحرص على تطبيقه كخيار لا رجعة فيه، تظهر للأسف مجموعة من الممارسات الشاذة والمسيئة، زاغت عن الطريق، وأصبحت تشكل عقبة حقيقية…

ومن بين أبرز المجالات التي تخضع لتطبيق غير سليم، هناك القطاع الرياضي الذي تحول إلى مجال لكل أنواع “السيبة” والممارسات غير السليمة.

تحايل، غموض، بحث دائم عن الثقوب، اجتهادات في طرق عدم تطبيق حرفي للقانون، والعديد العديد من الممارسات غير السليمة، جعلت منها الأغلبية الساحقة من المسؤولين -إلا من رحم ربي- عن تسيير الجامعات والعصب والأندية والفرق على حد سواء، خارطة طريق تخدم أجندة معينة، مكنتها من تحويل أغلب التنظيمات إلى محمية خاصة، ووسيلة للارتزاق، بل هناك تبادل فادح لـ “الخبرات” وكيفية الاستفادة من التجارب، قصد الاستمرار بمنصب المسؤولية، وتطويع القانون وفصوله…

وبفعل كثرة التجارب وهذه النماذج السيئة، أصبح هناك مختصون وأصحاب فتاو في خدمة المتحايلين، يتفننون في كيفية الخروج عن النصوص، بلباس يشبه في هيكله القانون المنظم، لكن بدون متابعة أو بحث عن كيفية تطبيق سليم للنصوص…

ففي غياب هذا الحرص والمتابعة والتدقيق الصارمين، ترك الجميع الحبل على الغارب، فلا أحد يهتم بالموضوع، خاصة من جانب المسؤولين عن الشأن الرياضي على الصعيد الوطني، والمفروض فيهم إظهار الكثير من روح المسؤولية، وإبراز الكثير من اليقظة في تطبيق القانون، دون تحايل أو قفز على النصوص وتطويعها.

في ظل هذه الوضعية غير المشجعة، أصبح المجال الرياضي قبلة للمتهافتين، والنصابة وأصحاب السوابق، والمتفننين في أساليب التحايل، وما يشجع على غزو الرياضة، وجود مال “سائب”، وانتشار السوق السوداء، وتبييض فادح للأموال قادمة من معاملات لا تظهر أنها جاءت عن طريق معاملات قانونية…

تقارير مالية تقدر بالملايير، تتم المصادقة عليها من طرف جمع عامة مخدومة، بقاعدة أكثر من نصف عددها “مشري”، ويصوت عليها بالموافقة عن طريق التصفيق، في ظرف دقائق معدودة، بدون متابعة أو تدقيق، وحتى عندما يعلن عن اللجوء إلى مكاتب افتحاص، فغالبا ما يتم السكوت عن النتائج وفحوى التقارير، وغالبا ما تقبر، أو تدخل مجال الحفظ، أو تسحب بالمرة.

وضعية لا يمكن أن ننتظر معها تحقيق إقلاع حقيقي لقطاع حيوي بامتياز، وبأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والسياسية، قطاع يستهلك أكثر مما ينتج، غير مؤهل القيام بوظيفته بالشكل المطلوب.

أمام هذه المعطيات الصادمة، هل الرياضة في حاجة إلى هذا النموذج السيئ في تطبيق الديمقراطية؟ وهل ما يزال القطاع الحكومي قادرا على الإشراف على الرياضة، بما تتطلبه من تخصص وخبرة واستقلالية وتجرد؟

تتعدد الأسئلة، وتتعدد علامات الاستفهام، أمام واقع مؤسف، يعكس ضعف قاعدة غير قادرة، على تجاوز النفق الذي دخلته منذ سنوات خلت…

محمد الروحلي

Top