سيدي البرنوصي -الدار البيضاء: خطر الموت البطيء يتهدد سكان حي كثافة والجهات المسؤولة في سبات عميق

 

حيث ما تولي وجهك بحي كثافة بسيدي البرنوصي بمدينة الدار البيضاء تجد البياض  المشوب بمواد كيماوية سامة. وحين السؤال عن مصدر هذا البياض القاتل تتوجه أصابع السكان إلى   شركة procter et gamble maroc المتاخمة للحي، حيث لا يفصلها عنه سوى أمتار قليلة.

توجهت بيان اليوم، نزولا عند طلب السكان المتضررين، إلى هذه الشركة المتواجدة  بمحاداة طريق الرباط القديمة، للاستفسار عن مصدر هذه المواد السامة وكيفية الحيلولة دون تسربها إلى الحي السكني. لكنها فوجئت بأبواب موصدة وأفواه تصوم عن الكلام، وبأعين تنطق بشعور الخوف من القائمين على تسيير شؤون  شركة لا تعير وزنا للسكان، بقدر ما تركز على مواصلة الإنتاج بحثا عن مزيد من الأرباح.

وفي جولة بحي كثافة المتضرر من لامبالاة الشركة، وقفنا على تسرب مسحوق الصابون أو ما يعرف  باسم “تايد tide ” الذي غزا البيوت الآهلة بالسكان وغمر سطوح المنازل.

ولو اقتصر الأمر على هذا التسرب لهان الخطب، لكنه تسرب يملأ الأجواء برائحة قوية أشعرتنا بالغثيان وجعلتنا نتساءل عن مصير من يستنشقها طوال السنة داخل بيوت لم ينفع إحكام إغلاق نوافذها من وجود هواء قلت نسبة الأكسجين فيه واختلط بكل أنواع المركبات الكيماوية.

في جولتنا كانت تلاحقنا نظرات أطفال احمرت عيونهم من فرط فركها، وأنين شيوخ علا صوتهم بسعال يترجم كل أنواع الأمراض الصدرية الناتجة عن استنشاق مخلفات شركة procter et gamble maroc .

وفي جولتنا هاته، لا حقتنا استجارة نساء ورجال لم يعرفوا طريقا للتخلص من أمراض غريبة طالت أجهزتهم التنفسية، لكن دون أن يعرفوا طريقا للمجير. نداءاتهم ظلت صوتا أصما لا يرجعه صدى القائمين على الشركة الذين يختارون ظلام الليل لفتح مضخاتها حتى لا يرى السكان بالعين المجردة ما تلفضه من أضرار، إلا أن أشعة النهار تفضح جريمتهم، حيت تكسو حبوب بيضاء سطوح المنازل.

 

في استغاثة السكان التي طلبوا نقلها عبر جريدة بيان اليوم، كان الإجماع على أن “شركة procter et gamble maroc لم تبذل أي جهد من أجل الحد من هذه التسربات التي تضر بالساكنة المجاورة  خصوصا الأطفال والمسنين  لكون هدفها هو الربح دون مراعاة مصلحة المواطنين”.

كما كان الإجماع على ضرورة نقل هذه الشركة إلى الحي الصناعي لأنها تؤدي إلى التسمم العرضي بمخلفات المواد المستعملة لصناعة مساحيق الغسيل، والتي تحتوي مواد كيماوية كالفوسفات والأمونيا والنفثالين والفينول وغيرها وغازات وأبخرة خطرة. وقد سبب الفوسفات عند استنشاقه وابتلاعه من طرف سكان حي كثافة إلى حساسية في الجهاز التنفسي العلوي وبالتالي مشاكل في التنفس. كما أن تلك الكيماويات تسبب لهؤلاء السكان الطفح والحكة والحساسية والتهاب الجيوب الأنفية إلى جانب آثارها طويلة الأمد على البيئة. كما أن بعض المواد الكيماوية مثل سلفات الصوديوم، وهي أحد مكونات المساحيق، سببت التآكل و حساسية شديدة في العينين والبشرة والجهاز التنفسي مما يؤدي إلى نوبات الأزمة وخاصة لدى الأطفال.

وفي حديث بيان اليوم لطبية جلد بالدار البيضاء عن معاناة سكان هذا الحي من لامبالاة الشركة، أكدت لنا أن المعطرات المستخدمة في مساحيق الغسيل تسبب التحسس وأعراضه المتعددة كحساسية الجلد والجهاز التنفسي والصداع والعيون الدامعة باستمرار ، مضيفة أن استبعاد الفوسفات من المنظفات واستبدالها بكربونات الصوديوم، لدواعي بيئية، يجعل المنظفات ذات قاعدية عالية مما يعني خطورة كبيرة عند استنشاقها أو بلعها، حيث ان الضرر قد يصيب المريء أو اللهاة (النسيج البارز الذي يغلق فتحة القصبة الهوائية عند البلع) أو الحبال الصوتية المعرضة للمادة المنظفة. وفي حال تقيؤ الطفل، وهو ما يحدث غالبا بسبب كون المادة مقيئة، فقد تتلف الأنسجة مجددا بسبب تعرضها للمادة مرة أخرى.

توضيحات هذه الطبية جعلتنا نستشعر بقوة معاناة ساكنة حي كثافة بالبرنوصي، خاصة حين شاهدنا أطفال هذا الحي يلعبون ويمرحون ببراءة الصغار وسط المادة المنظفة التي يندفع قدر منها مع الهواء ليصيب العينين، مما قد يسبب الضرر للقرنية.

الأكيد، بعد جولتنا هاته واستشارتنا الطبية، أن مخلفات الشركة هي ذات سمية عالية وتعتبر أحد الأخطار الكبيرة

التي تحوم حول السكان. فهلا تحركت الجهات المسؤولة قبل فوات الأوان.

مصطفى السالكي

Top