الصحراء المغربية تبصم على طفرة اقتصادية وزخم دبلوماسي غير مسبوقين

تشهد منطقة الصحراء المغربية، منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، طفرة اقتصادية غير مسبوقة، يدعمها زخم دبلوماسي دولي لصالح السيادة المغربية على المنطقة ومبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي وحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
ويجسد الإعلان الأمريكي الصادر في 10 دجنبر 2020 وافتتاح العديد من التمثيليات الديبلوماسية، لجميع القارات في المنطقة، بعمق هذه الدينامية الإقليمية والدولية، إذ تعزز هذه الدفعة العملية السياسية تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع، الذي سيؤمن استقرار المنطقة ومحيطها.
وتبصم الصحراء المغربية في السنوات الأخيرة على تنمية مستدامة تجسدت في السادس من نونبر 2015 بإطلاق نموذج تنموي جديد رصدت له ميزانية إجمالية تبلغ 85 مليار درهم أي نحو 9 مليارات دولار.
وأضحت الأقاليم الصحراوية المغربية تتميز بإمكانات هائلة على المستوى الاقتصادي (الصناعة والصيد البحري والفلاحة والطاقات المتجددة والسياحة)، حيث شهدت إصلاحات مهمة تهدف إلى تعزيز النسيج الاقتصادي المحلي لخلق نمو شامل، وتنمية مستدامة لفائدة السكان المحليين.
وأصبحت منطقة الصحراء المغربية التي تتمتع بفرص متعددة للاستثمار والتجارة، تشكل في عهد جلالة الملك محمد السادس، قطبا اجتماعيا واقتصاديا حقيقيا ذي أبعاد إقليمية وقارية ودولية، إذ عرفت العديد من المشاريع الهيكلية متعددة القطاعات، التي تم إطلاقها في المنطقة، من قبيل مشروع ميناء الداخلة الأطلسي العملاق، والطريق السريع تزنيت – العيون – الداخلة، ومشروع منطقة التجارة الحرة لغرب إفريقيا، ومشاريع تحلية مياه البحر، خاصة في الداخلة.
وتوفر الصحراء المغربية التي تحتضن مدينتين للمهن والكفاءات وحديقة تكنولوجية رأسمالا بشريا مؤهلا وقادرا على دعم التنمية الصناعية وخلق أنظمة بيئية مبتكرة وفق المعايير الدولية.
وقد تم إطلاق العديد من المشاريع لتطوير الطاقات المتجددة في المنطقة ذات الإمكانات القوية من حيث الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، ولا سيما إنشاء محطات إنتاج طاقة الرياح في طرفاية، وفم الواد، وأخفنير 1 و2، والشروع في العمل في محطتي نور العيون 1 ونور بوجدور 1 اللتين تسعيان لترسيخ مكانة المغرب باعتباره قطبا إقليميا وقاريا للطاقة النظيفة.
ومكن هذا الزخم العالمي الصحراء المغربية من التموقع كوجهة مفضلة للعديد من الفاعلين الاقتصاديين الأجانب.
من جهة أخرى، لا بد من التوقف عند اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، حيث إن واشنطن اعتمدت خريطة جديدة للمغرب تشمل الصحراء تستخدمها جميع الإدارات الأمريكية.
وقد وزعت البعثة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أيضا على أعضاء مجلس الأمن الدولي والدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، الإعلان الرئاسي الذي يعترف بمغربية الصحراء باللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تلتزم واشنطن بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة من خلال تشجيع الاستثمارات الأمريكية وتمويل عدد من المشاريع لصالح الساكنة المحلية.
ويواصل المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، جهوده الدؤوبة من أجل تكريس حقوقه المشروعة على أقاليمه الجنوبية من خلال مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مستندا في ذلك على دبلوماسية ملكية فعالية واستباقية.
إنها دبلوماسية ترتكز على الوضوح عندما تجعل من قضية الصحراء «النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم». كما أكد ذلك جلالة الملك في خطاب جلالته بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب.
كما يعد الدعم الدولي المتنامي للمخطط المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، تجسيدا آخر لدينامية ونجاح المقاربة الملكية.

                                                                                                                                   زيارة جلالة الملك محمد السادس لمدينة العيون

هذا المخطط، الذي وصفته قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة المتتالية بالجدي وذي المصداقية، منذ أن تقدم به المغرب سنة 2007، والذي يتيح حكما ذاتيا موسعا لساكنة الأقاليم الجنوبية في احترام كامل للسيادة الوطنية، أضحى اليوم يحظى بدعم أزيد من 107 دول أعضاء في الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية البيروفي الأسبق، ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، أن «المغرب جعل من قضية الصحراء الرهان المركزي لدبلوماسيته، لكي تكون لخطوته، أي الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، الصدى الذي تحظى به اليوم».
كما أن وجاهة مخطط الحكم الذاتي تم التأكيد عليها غير ما مرة في قرارات مجلس الأمن. وفي هذا الصدد، أوضح صامويل ميلنر، الباحث في مركز «جورج ميسون للقانون في الشرق الأوسط والقانون الدولي»، وهو مجموعة تفكير يوجد مقرها بفرجينيا الأمريكية، أن الدعم المعبر عنه لمخطط الحكم الذاتي جاء «نتيجة دبلوماسية تعي أهمية التحالفات الجيو-سياسية الاستراتيجية».
وقد تعززت هذه الدينامية بقرار حوالي 30 دولة عربية وإفريقية ومن أمريكا وآسيا فتح تمثيليات دبلوماسية لها في مدينتي العيون والداخلة.
وبالإضافة إلى دعم الوحدة الترابية للمغرب، فإن فتح هذه التمثيليات يشكل اعترافا بمستوى التنمية الذي حققته الأقاليم الجنوبية بفضل سياسة بعيدة النظر مكنت من جعل الصحراء المغربية قطبا للتنمية بالنسبة للواجهة الأطلسية الشاسعة لإفريقيا.
وأبرز الخبير الأمريكي أن هذا الدعم الدولي المتنامي للوحدة الترابية للمغرب يعكس متانة الأسس التي تقوم عليها مبادرة الحكم الذاتي وفعالية الدبلوماسية المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزا الاختراقات الدبلوماسية التي حققتها المملكة، لاسيما في أوروبا.
وذكر صامويل ميلنر بأن 16 دولة من الاتحاد الأوروبي عبرت عن دعمها للمخطط المغربي للحكم الذاتي، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ «إعادة تموقع هام» للسياسة الخارجية الأوروبية. هذه الدينامية، التي تنصف المشروعية التاريخية لحقوق المغرب على أقاليمه الجنوبية، تعكس تنامي الوعي داخل المجتمع الدولي بضرورة تسوية قضية الصحراء في إطار سيادة المملكة.
من جانبه، اعتبر رئيس معهد السياسة العالمية، ومقره في واشنطن، باولو فون شيراش، أن «المجتمع الدولي في غالبيته أضحى يدرك أن حل قضية الصحراء يتعين أن يتم على أساس مخطط الحكم الذاتي».
وبينما يواصل المغرب تحقيق نجاحات سياسية ودبلوماسية، ما يزال أعداء الوحدة الترابية للمملكة يحصدون الإخفاقات. كما يشهد على ذلك عدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالجمهورية الوهمية.
وسجل صامويل ميلنر أن «الدينامية الدولية القوية المؤيدة لمخطط الحكم الذاتي واستباقية الدبلوماسية المغربية تعمق من عزلة +البوليساريو+ وداعميها»، في وقت لم تعد فيه الأطروحات الانفصالية تجد آذانا صاغية.

> إنجاز: عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top