الطيب حمضي: الوضع الوبائي عادي ومستقر واللقاح أفضل وسيلة للوقاية

قال الدكتور الطيب حمضي إن الحالة الوبائية للفيروسات المسببة للأنفلونزا خلال الفترة الحالية تصنف بكونها جد عادية ولا تستدعي أي قلق، إذا تم اتخاذ الإجراءات الوقائية المعتادة من قبل المواطنين، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات وعلى رأسها الأطفال والرضع والأشخاص المسنون.
وأوضح الدكتور حمضي، طبيب وباحث في السياسات الصحية، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أول أمس الثلاثاء، أنه جرت العادة، في هاته الفترة من السنة المتسمة بانخفاض درجات الحرارة، أن ترتفع حالات الإصابة بالعدوى الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي جراء التعرض لفيروسات الأنفلونزا الموسمية وكذا الفيروس المخلوي التنفسي (VRS)، وذلك لعدة أسباب، مما يعرض الكثير من الأشخاص لحالات نزلات البرد بدرجات متفاوتة من الحدة.
وأرجع الطبيب قوة انتشار الفيروسات خلال الفصل البارد الذي يبتدئ مع أواخر فصل الخريف ويعرف ذروته في فصل الشتاء، إلى أربعة أسباب رئيسية أولها أن الفيروسات تعيش مدة أطول في الهواء وعلى الأسطح بسبب انخفاض درجة الحرارة، بخلاف فصل الصيف حيث لا تتحمل الفيروسات درجات الحرارة المرتفعة. والسبب الثاني المرتبط بحالة الجو، أيضا، هو أننا نفضل المكوث في الفضاءات المغلقة لوقت أطول خلال فصل الشتاء، ونقوم بإغلاق النوافذ وفتحات التهوية، مما يسهل انتقال العدوى وانتشارها بسرعة من شخص إلى آخر. والسبب الثالث، يقول حمضي، هو أن الغشاء المخاطي للجيوب الأنفية، والذي يعد خط دفاعنا الأول ضد الفيروسات، يتأذى بفعل البرد فيصبح ضعيفا مما يرفع احتمالات الإصابة بنسبة أكبر بالعدوى. ورابع الأسباب هو أن مناعة الجسم بدورها تكون أضعف في فصل الشتاء منها في فصل الصيف.
وجوابا عن سؤال حول ما يردده عدد من المواطنين من أن نزلات البرد وحالات الزكام أصبحت أكثر حدة وخطورة خلال السنوات الأخيرة، قال حمضي إن هذه المقولة تتردد هذه الأيام مثل كل سنة تزامنا مع فترة انتشار فيروسات الشتاء، علما يقول المتحدث، أننا ما زلنا اليوم في بدايات شهر يناير ولم نبلغ بعد فترة الذروة في عدد الحالات وحدة الإصابة. وأكد أن هذه المقولة غير مستندة إلى معطيات رقمية حقيقية متعلقة باحتداد مضاعفات وخطورة المراضة المترتبة عن الإصابة بالفيروسات الشتوية، الأمر الذي يبرز عند اشتداد الحالة الوبائية وارتفاع نسب الوفيات، وهذا غير موجود حاليا في أي منطقة من العالم، حتى مع انتشار فيروس (HMPV) الصين، وعدد من المتحورات الجديدة لكوفيد في بعض الدول، فالوضع الوبائي للفيروسات يعد جد طبيعي ومستقر لحد الآن، طالما لم تعلن أي من الدول المعنية أو منظمة الصحة العالمية عن أي جديد في هذا الصدد.
وأضاف الطيب حمضي أن الحديث عن مستوى معين من حدة الأعراض يرتبط بفئة الأشخاص الذين تقدموا في السن، وذلك بسبب انخفاض قدرة جهازهم المناعي عن مواجهة الأمراض المختلفة، وليس فقط الأنفلونزا. كما يلاحظ ارتفاع في احتمالات الإصابة وحدة الأعراض عند الأطفال والرضع من سن عامين إلى خمس سنوات، وفي بعض الأحيان إلى سن 14 سنة، وذلك أيضا بسبب عدم اكتمال قدرات الجهاز المناعي عند هاته الفئة على مواجهة فيروسات الأنفلونزا الموسمية والفيروس المخلوي التنفسي الذي يصيبهم بنسبة أكبر.
ولم ينف الدكتور حمضي، في ذات الوقت، أن قدرة فيروسات الأنفلونزا الموسمية على التحور تجعل حدة الإصابة تختلف من موسم إلى آخر حسب نسبة شراسة الفيروس وقدرته على الانتشار، مما ينعكس على عدد الإصابات المسجلة كل سنة، والتي تتراوح بين 300 و650 ألف حالة، حسب المواسم واختلاف الفيروسات.
وبالنسبة لوسائل الوقاية، اعتبر الدكتور حمضي أن الوسيلة رقم 1 تتمثل في لقاح الأنفلونزا الموسمية. وتأسف الطبيب لعدم إقبال المغاربة، من جميع الفئات، على التلقيح، وخاصة تلك التي تعتبر أكثر عرضة للإصابة ولخطورة المضاعفات، كالأشخاص المسنين والمصابين بالأمراض المزمنة، والذين قد تكون حالتهم مستقرة جدا لكن إصابة بسيطة بالأنفلونزا يمكن أن تتسبب لهم في حالات مرضية خطيرة وقد تودي بحياتهم لا قدر الله. ويضيف حمضي أن اللقاح يعد الوسيلة الأكثر فعالية في خفض حالات الإصابة والمراضة، إلى جانب الالتزام بالنظافة الشخصية وتطبيق التباعد الاجتماعي. وأوصى الطبيب الأشخاص المصابين بالمكوث في المنزل وارتداء الكمامة في حال الاضطرار إلى مغادرته، وذلك تفاديا لنشر العدوى.
وبالنسبة للأطفال والرضع، وخاصة الأطفال في سن التمدرس، نصح حمضي أولياء الأمور بتعويد أبنائهم على الالتزام بالنظافة الشخصية كذلك، وبالحرص على إبقائهم في المنزل وعدم ذهابهم إلى المدرسة في حال ظهور أية أعراض مثل ارتفاع درجة الحرارة أو سيلان الأنف وغيرها. كما أكد على ضرورة تجنب بعض العادات المتسببة في نشر العدوى مثل تقبيل الأطفال والرضع من قبل الأشخاص البالغين، وهو ما يمكن أن يشكل خطورة على صحتهم في بعض الحالات.

< سميرة الشناوي

Top