أعلن مكتب الصرف أن عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج سجلت، خلال سنة 2024، ما مجموعه 658 تصريحا، فيما وصل إجمالي المبالغ المصرح بها إلى أكثر من ملياري درهم.
وأوضح المكتب، في بلاغ حول حصيلة هذه العملية التي تم إحداثها بموجب المادة 8 من قانون المالية رقم 23-55 للسنة المالية 2024، أن “الأصول المالية تمثل المكون الأساسي للموجودات المصرح بها بقيمة 916,2 مليون درهم، بنسبة 45 في المائة من إجمالي المبلغ، تليها العقارات بقيمة 868,3 مليون درهم (بنسبة 43 في المائة من إجمالي التصريحات)”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الموجودات النقدية تأتي في المرتبة الأخيرة بقيمة 244,7 مليون درهم، والتي تمثل 12 في المائة من إجمالي المبلغ المصرح به”.
ووفقا للمكتب، فقد بلغ مجموع مداخيل المساهمة الإبرائية لفائدة الخزينة 231,76 مليون درهم، وهي حصيلة اعتبرها البعض إيجابية في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
في هذا السياق، يرى الأستاذ الجامعي والخبير في المجال الضريبي جواد لعسري أن “عملية التسوية التلقائية التي تم إدراجها في قانون المالية لسنة 2024 تثير تساؤلات حول مدى فعالية هذا الإجراء في تحقيق الأهداف المعلنة”.
وأضاف لعسري أنه “من الناحية النظرية، تهدف هذه التدابير إلى تشجيع المواطنين على تسوية وضعيتهم القانونية تجاه ممتلكاتهم بالخارج”، مستطردا: “إلا أن محدودية فترة التطبيق والتغطية الإعلامية الضعيفة لهذه العملية قد تحول دون تحقيق النتائج المرجوة”.
وتابع الدكتور لعسري: “بصرف النظر عن أسباب نزول النص التشريعي الذي تكرر عدة مرات في قوانين مالية السنة، يمكن القول إن سيناريو التسوية الطوعية لم يتم تفعيله بالشكل الأمثل، خصوصا في ما يخص إعلام وإخبار العموم”، مبرزا أن شريحة واسعة من المعنيين بهذه التدابير قد لا تكون على علم بمضامين قانون مالية سنة 2024، وهو ما يطرح تساؤلات حول الغاية الأساسية من قانون أو تدبير لا يتجاوز عمره الافتراضي سنة واحدة.
وأشار العسري إلى أن “الآثار المترتبة عن أداء المساهمة الإبرائية قد تتجلى أساسا في تعطيل نصوص تشريعية أخرى تتعلق بتخليق الحياة العامة وضمان المساواة بين المواطنين، مادام أن حق الدولة في تفعيل المتابعات الإدارية والقضائية سيسقط بمجرد أداء هذه المساهمة”.
واعتبر لعسري أن تكرار مثل هذه الإجراءات في قوانين المالية السنوية قد يدفع البعض إلى “التشكيك في هيبة بعض مؤسسات الدولة”، مشددا على أن هاجس توفير مواد مالية للدولة لا يجب أن يكون على حساب العدالة بأنواعها.
وبالعودة إلى تفاصيل العملية، فقد منح قانون المالية المعنيين بهذه التسوية فترة تبتدئ من فاتح يناير إلى غاية 31 دجنبر 2024 للقيام بالإقرار وأداء المساهمة الإبرائية للتسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج.
كما يستفيد الأشخاص المعنيون من ضمانات متعددة، تشمل كتمان الهوية وعدم إجراء أي متابعة إدارية أو قضائية بعد أداء المساهمة الإبرائية، حسب الدكتور لعسري، الذي أشار إلى أنه بموجب مقتضيات المادة 180 من القانون رقم 103.12، يتمتع هؤلاء الأشخاص بحماية قانونية تضمن لهم عدم التعرض لأي إجراءات متابعة بشأن العمليات المنجزة خلال فترة التسوية.
من جهة أخرى، لفت الدكتور لعسري إلى أن “الضمانات الممنوحة للأشخاص الذين يقومون بالتسوية التلقائية، لا سيما في ما يتعلق بعدم الإفصاح عن هوياتهم، قد تؤدي إلى تضارب مع جهود مكافحة الفساد والتهرب الضريبي التي تبذلها الدولة”، داعيا إلى التفكير في إجراءات أكثر استدامة ووضوحا بدل اللجوء إلى تدابير مؤقتة تتكرر كل سنة.
واختتم العسري تصريحه بالتأكيد على ضرورة تكثيف التوعية الإعلامية حول مثل هذه التدابير، قائلا: إن نجاح مثل هذه العمليات يتطلب تغطية إعلامية واسعة، لضمان إخبار جميع الفئات المستهدفة، وتفادي تحول هذه الإجراءات إلى مجرد تدابير شكلية دون أثر حقيقي على الاقتصاد الوطني.
< عبد الصمد ادنيدن