فتحت زيارة وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة إلى الجزائر، ومباحثاتها هناك مع نظيرها الجزائري حول إمكانيات التعاون والشراكة بين البلدين في مجالات الطاقة والمعادن والطاقات المتجددة، باب الأمل أمام المراقبين والمواطنين على حد سواء، من أجل رؤية قطار التطبيع الثنائي ينطلق أخيرا لما فيه مصلحة الرباط والجزائر وشعبيهما. من حاسي الرمل وغرداية (635 كلم جنوب الجزائر العاصمة) انطلقت الصورة التلفزيونية حاملة بداية وعي …
وقبل هذا، كان وزير الخارجية الجزائري قد ألمح لوجود مبادرة سياسية بين البلدين تهدف إلى تنشيط العلاقات، وستتولد عنها خطوة إيجابية في المستقبل القريب، لافتا إلى عزم الرباط والجزائر إعطاء دينامية جديدة للتعاون الثنائي بينهما خصوصا في قطاعي الفلاحة والطاقة، من دون أن يورد طبعا ولو كلمة واحدة عن الحدود البرية المغلقة منذ منتصف التسعينات، وما تسبب فيه ذلك من إهدار لفرص تنموية، ومن مآسي اجتماعية للأسر.
من الوارد، لدى عدد من المحللين، أن يساهم الحراك الاحتجاجي والثوري في المنطقة، وضغط القوى العظمى، في إحداث انفراج في علاقات الجزائر مع المغرب، وذلك انطلاقا من عديد اعتبارات وتحديات داخلية وإستراتيجية، لكن من اللازم اليوم أيضا، وبالإضافة إلى الحرص على إنجاح هذه الدينامية التي انطلقت، أن يقدم النظام الجزائري أخيرا على تحكيم العقل وبعد النظر، والانخراط في أفق جدي ومستمر يرتكز على تمتين العلاقات الثنائية مع المغرب الجار.
النجاح في هذا الرهان، بالمعنى الاستراتيجي، يمر عبر تغيير حقيقي للمعطى الجزائري الذي يجعل السياسة هناك مشدودة بقوة للجهاز العسكري، ومرتبطة عضويا بتصور جيواستراتيجي قديم للمغرب الكبير عنوانه الجوهري: فصل الصحراء عن المغرب.
اليوم يقف الحكم العسكري الجزائري أمام ضرورة الاحتكام للعقل، واستعادة الوعي بخطورة الاستمرار في اللامغرب…
إن تعاونا صادقا بين المغرب والجزائر، وفتح الحدود البرية بين البلدين الجارين، يعني رفع المعاناة الاجتماعية والاقتصادية عن عشرات الآلاف من المواطنين في المناطق الحدودية، وإعادة الحياة أيضا لعديد مشاريع اقتصادية وخدماتية في هذه المدن…
وإن التعاون المذكور يعني كذلك تعزيز قطاع السياحة والنقل والسفر بين البلدين، ومن ثم تعبيد الطريق أمام التجارة والاستثمار وتبادل الأعمال بين الفاعلين الاقتصاديين من الطرفين، والنهوض بمجالات التكامل في العلاقات الاقتصادية البينية إن في الفلاحة أو في السياحة أوفي الطاقة أو في غيرها، وكل هذا من شأنه الانتقال بالبلدين ليتحولا معا إلى قطب تنموي واحد في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، وتبعا لذلك إلى سوق مهمة وجاذبة للاستثمارات، وأيضا إلى منافس مهم إفريقيا وعالميا.
هل ينتصر صوت الشعوب أخيرا ويفتح الطريق بين الجزائر والمغرب؟