تعرض الحكومة، مطلع الشهر القادم، الوصفة النهائية لإصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس وذلك تزامنا مع جولة الحوار الاجتماعي. وتقترح الحكومة في وصفتها الجديدة التي ستعرض على أنظار المركزيات النقابية، رفع سن التقاعد إلى 65 سنة بما في ذلك القطاع الخاص، ورفع نسب الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص. وتأتي هذه الوصفة التي أعدتها وزارة الاقتصاد والمالية الإصلاح في ظل ما يميز أنظمة التقاعد من عجز مالي يتفاقم مع مرور الوقت، حيث من المقرر أن تتدارسها المركزيات النقابية قبل إبداء الرأي بشأنها، وفي حال قبولها تيتم إحالتها على المجلس الحكومي للمصادقة عليه. وتمني الحكومة النفس بلوغ توافق في أسرع وقت ممكن، خاصة بعد أن أصبح وصول الصندوق المغربي للتقاعد إلى مرحلة الإفلاس في سنة 2028 من المسلمات. وهو ما يعني عدم ضمان ديمومة المعاشات للموظفين الذين سيحالون على التقاعد مستقبلا. بيد أن النقابات تخشى أن تطبخ الحكومة مشروع إصلاح مقياسي لبعض صناديق التقاعد المفلسة، بالتوجه مرة أخرى إلى جيوب الموظفين والمستخدمين بالمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والقطاع الخاص، والسعي بالتالي لرفع سن التقاعد إلى 65 سنة والزيادة في نسبة المساهمات، مع الإبقاء على قيمة تقاعد هزيل. والأكيد أن الحكومة لن تخرج عن المقاربة الإصلاحية التي تعتمد إصلاحا مقياسيا ترقيعيا محدود المفعول تحت تأثير ضغط لوبيات مستفيدة من الصناديق الأربعة، تحمي مصالحها داخل هذه الصناديق ولو على حساب معاشات المتقاعدين وصحتهم وقدرتهم الشرائية. ولتمرير وفرض علاجها التقليدي المكشوف على النقابات، ستعتمد الحكومة خطابا تقليديا للتخويف يفيد بعدم قدرة هذه الصناديق على أداء معاشات المتقاعدين مستقبلا بسبب العامل الديمغرافي، وضعف التوظيف، وتقلص الفئة النشطة مقابل ارتفاع عدد المحالين على المعاش. وترفض المركزيات النقابية أي إصلاح ينبني على مزيد من تفقير المستخدمين والموظفين لأن إفلاس الصناديق يعود أولا لسوء الحكامة والتدبيرالذي عمر لسنوات طوال دون حسيب ولارقيب، وهو ما أدى إلى عجز هيكلي تفاقم خلال السنوات الأخيرة، كما أن ضعف الاستثمارات التي تقوم بها هذه الصناديق لتحقيق عوائد مالية مقبولة ساهم في تأزيم الوضع.