الديبلوماسية الحزبية

عكس نجاح الزيارة التي قام بها وفد الحزب الشيوعي اللبناني برئاسة الأمين العام خالد حدادة للمغرب، بدعوة من حزب التقدم والاشتراكية، أهمية استعادة الأحزاب اليسارية والقوى الوطنية والتقدمية المغربية لحضورها العربي والدولي، خدمة لقضايا البلاد أولا، وتعزيزا للدينامية النضالية المتصاعدة وسط الشعوب العربية. الإشارة اللافتة الأولى التي التقطها الكثيرون من خلال محادثات الزعيم الشيوعي اللبناني في بلادنا وعبر مختلف تصريحاته الصحفية، أنه عبر عن تأييده وتقديره لمقترح المغرب بشأن الحكم الذاتي الموسع في أقاليمنا الصحراوية، ودعا الجزائر إلى التعامل بانفتاح مع ذلك، لمواجهة المخاطر المشتركة التي تحيق بالمنطقة وبالعالم العربي عموما.
ولم تكن هذه التصريحات مجرد كلمات للمجاملة، إنما كانت تحيل على تحول أساسي في تفكير قوى اليسار العربي تجاه الشأن المغربي، وخصوصا قضية الوحدة الترابية للمملكة، وبلا شك سيكون لهذا التحول ما بعده، على صعيد الموقف الرسمي للحزب اللبناني، ومن ثم باقي قوى اليسار في المنطقة، شريطة مواصلة الأحزاب المغربية حضورها وفعلها في هذه المنتديات.
الأسبوع المنصرم، تميز كذلك، بالنسبة للعلاقات الدولية لحزب التقدم والاشتراكية، بالمشاركة في تجمع شعبي وسط الجزائر نظمته جبهة القوى الاشتراكية، بالإضافة إلى لقاءاته هناك مع قوى سياسية تقدمية من الجزائر ومن تونس، وهي إشارة أخرى لبداية حراك نضالي تقدمي على المستوى المغاربي، ستكون له امتدادات على صعيد التنسيق والمواقف والعمل المشترك.
المحطتان المشار إليهما، مثلتا عنوانا ذا دلالة على دينامية واضحة أسسها حزب التقدم والاشتراكية، في الفترة الأخيرة، على مستوى نشاطه الديبلوماسي، وهذه واجهة نضالية ووطنية مهمة طالما برز فيها الحزب، عبر تاريخه، وطالما راكم من خلالها النجاحات خدمة للقضايا الوطنية والديمقراطية لشعبنا، وعندما يحرص اليوم على استعادة فعله في هذا المجال، بالرغم من إكراهات ذلك وكلفته، فلأنه يدرك حاجة بلادنا اليوم إلى التأثير في الأوساط السياسية والحزبية عبر العالم، وبالتالي محاولة توسيع مساحات الحضور والتأييد للمغرب وسط الرأي العام وممثليه، ومن ثم لدى الحكومات وصناع القرار.
من المؤكد أن الجميع اليوم يتفق على محورية الفاعل السياسي والحزبي في منظومة العلاقات الدولية الجديدة، لكن من الضروري الاقتناع أيضا أن اللاعبين الرئيسيين في هذا الميدان، هي الأحزاب ذات الرصيد التاريخي والهوية الواضحة والمصداقية النضالية، وبالتالي فليس من الغريب أن يحل الحزب الشيوعي اللبناني ضيفا على حزب التقدم والاشتراكية، ويعقد لقاءات مع أحزاب الكتلة واليسار، وليس غريبا أن الدعوة الجزائرية وجهت لحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي، وكل هذا يقدم للكل درسا جوهريا مؤداه أن المغرب ينجح ويتقوى ويكسب الرهان بالأحزاب الحقيقية، وليس بالقراب الخاوية مهما كانت جاذبيتها الانتهازية.

[email protected]

Top