اللائحة الوطنية

يعتبر موضوع «اللائحة الوطنية» من أبرز النقاط المثيرة للنقاش هذه الأيام بارتباط مع المشاورات الجارية حول القوانين الانتخابية.
وقد أثير الجدل نفسه لما قرر المغرب اعتماد كوطا لفائدة النساء، واليوم الأصوات نفسها تعود وقد تعززت صفوفها بـ «منظرين» جدد، ليعيدوا الأسطوانة ذاتها. لهذا لابد من التذكير أن أسلوب «التمييز الإيجابي» معمول به في العديد من التجارب الانتخابية، وليس المغرب من اخترعه، كما أنه لو ترك الأمر للتباري في الدوائر لاحتجنا لعقود كي نصل إلى النسبة التي باتت تشغلها النساء اليوم في البرلمان المغربي.
إن خطأ بعض منظرينا الجدد أنهم يحسبون الواقع المغربي هو فقط تلك الأمتار التي يقفون فيها للاحتجاج في شوارع الدار البيضاء أو الرباط، والحال أن سوسيولوجيتنا الانتخابية وواقعنا الاجتماعي والثقافي في الأرياف والدواوير هو أكثر تعقيدا من التقنيات والمعادلات المرسومة على الورق.
إن المغرب لا زال اليوم في حاجة إلى إسناد مسلسل تقوية تمثيلية النساء في البرلمان، ولهذا فإن النقاش المرتبط اليوم باللائحة الوطنية يجب أن يستحضر ذلك، خصوصا أن التزامات المغرب الدولية تضع عليه واجبات ومسؤوليات على هذا الصعيد أيضا، ومن ثم فإن حصر تركيبة اللائحة الوطنية اليوم في 90 مقعدا موزعة على النساء والشباب معا، لن تساعدنا على الرفع من نسبة تمثيلية المرأة بشكل كبير، خصوصا أن عددا من البلدان الإفريقية والعربية تجاوزت النسبة المغربية بكثير، ووصل بعضها اليوم إلى 25 في المائة.
من جهة ثانية، فإن كل الصحفيين الذين كانوا يتابعون عمل البرلمان، خصوصا في الولاية الأخيرة، والعديد من الملاحظين والفاعلين السياسيين، سجلوا الضعف الكبير في الأداء وفي المستوى المعرفي وفي الخبرة السياسية، ولهذا فإن البحث عن آلية قانونية لتمكين كفاءات سياسية وحزبية وطنية من الولوج إلى عضوية مجلس النواب، يمثل جوابا عن هذا الواقع.
وعندما ينتقد الكل ضعف أداء البرلمان وفقر تركيبته من حيث النوعية والكفاءة، فإن المنطق يقود إلى ضرورة إيجاد المخرج، وهو هنا إما من خلال انتظار أن تفرز لنا الدوائر المحلية هذه النوعية الجيدة، أو عبر وضع آليات تنظيمية وقانونية خاصة، علها تمكننا لاحقا من إنضاج الشروط وتطوير الأفكار والعقليات.
لكي تحقق اللائحة الوطنية إذن هدفيتها التي جسدتها مطالب العديد من القوى السياسية، لابد أن تحرص على تقوية تمثيلية النساء، وفي نفس الوقت تتيح التحسين الحقيقي لتركيبة مجلس النواب من خلال الأطر والكفاءات الحزبية والسياسية الوطنية، وتقوم على احترام روح الهدف الذي كان وراء هذا النقاش منذ البداية.
[email protected]

Top