2012

يتطلع المغاربة كي تمثل السنة الجديدة، بالنسبة لهم، عام التنزيل السليم لمقتضيات دستور 2011، وأيضا عام جعل التغيير ملموسا في حياتهم اليومية على مختلف المستويات…
بلا شك، إن سنة 2011 انتهت باستحقاقات سياسية بارزة من شأنها التأسيس لانطلاقة جديدة في المسار الديمقراطي المغربي، لكن العام الذي نعيش اليوم الثلاثاء يومه الثالث، سيكون عام التنزيل العملي للتغيير، ومن ثم فان الاستثنائية والتميز يجب أن يبرزا ويتحققا ابتداء من اليوم، وهذا هو التحدي الجوهري أمام الحكومة الجديدة.
إن تطلعات شعبنا كثيرة، وذلك جراء حجم الخصاص، وضخامة الرهانات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة، وان الجدية تقاس اليوم بمستوى التفاعل الحكومي معها، وبمقدار الانجازات الملموسة والقادرة على تحسين الأوضاع المعيشية للفئات المستضعفة من شعبنا.
المغاربة سيحكمون على التجربة انطلاقا من مضامين ووعود البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي الجديد، ومدى الوفاء لها، وسيعتمدون على واقعهم اليومي في تلمس التغيير، ومن ثم فان الملفات الاجتماعية والاقتصادية ستكون التحدي الأول أمام الحكومة.
ويمكن هنا الحديث عن: التشغيل، الصحة، التعليم، السكن، وأيضا عن تخليق الحياة العامة ومواجهة الفساد، وعن القضاء على الريع والمضاربة والرشوة، وعن تحسين خدمات المرفق الإداري، وعن تحسين أوضاع المتقاعدين وصغار الموظفين والأجراء، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وعن رفع معدل النمو بما يساعد على توفير فرص عمل جديدة، وعن تحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وعن حلول حقيقية للمعضلة الاجتماعية، وجعل بلادنا تتجاوز ضائقتها المالية، وتداعيات الأزمة الإقليمية والعالمية…
وان إقناع المغاربة بجدية عمل الحكومة الجديدة، يمر عبر إجراءات ملموسة تسعى إلى تكريس حكامة جيدة، ولربط المسؤولية بالمحاسبة، ومحاربة الفساد ونهب المال العام، وتقوية دولة القانون في السياسة والاقتصاد، وجعل العمل الحكومي أكثر انسجاما ونجاعة، وفرض مؤسسة الحكومة لنفسها كسلطة تنفيذية حقيقية بموجب الدستور الجديد…
يعني هذا إذن أن التحدي الآخر يوجد في البعد السياسي من خلال عمل الحكومة نفسها وعلاقاتها الداخلية، وأيضا في البعد التواصلي عبر علاقتها مع الشعب ومع البرلمان ومع الإعلام ومع المجتمع.
الحكومة مدعوة اليوم للارتكاز إلى التعبئة الشعبية، وجعلها مصدر قوتها في خوض الإصلاحات المطروحة على البلاد، سواء عند إقرار القوانين التنظيمية والتأسيسية، وتنزيل كل أحكام الدستور الجديد، أو في مباشرة الملفات الاجتماعية والاقتصادية المجسدة لانتظارات المغاربة من الحكومة الجديدة، أو في تفعيل تغيير شامل في الحكامة، وفي عمل المؤسسات…
وهناك تحدي آخر لا يقل أهمية عن سابقيه، ويتعلق بضرورة تفعيل عمل البرلمان، وجعل سلطة التشريع والمراقبة منخرطة في ذات الدينامية التي يوجبها اليوم سياق التغيير، أي أن التغيير يجب أن يشمل عمل مختلف المؤسسات بما فيها البرلمان، وأيضا الحكومة.
المرحلة اليوم تتطلب التشبث بمضمون الدستور، وبضرورة التنزيل الديمقراطي الحداثي لأحكامه.
[email protected]

Top