سياسيون واقتصاديون يتحدثون لبيان اليوم عن مضامين وأطروحات الجامعة السنوية لحزب التقدم والاشتراكية

> إنجاز: محمد توفيق أمزيان

> تصوير: رضوان موسى – عقيل مكاو

على هامش الجامعة السنوية التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية، أول أمس السبت، استقت بيان اليوم تصريحات بعض الفاعلين والمتدخلين خلال النقاش، وتعرفت على آرائهم حول موضوع القطاع العمومي والخدمات العمومية بالمغرب في مواجهة تحديات السيادة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
وقد أجمعت كل هذه التصريحات التي ننشرها أسفله، على الأهمية الكبيرة للجامعة السنوية لحزب التقدم والاشتراكية التي اختارت موضوعا يقع في قلب الإشكالات السياسية المطروحة في المغرب.
وشددت هذه التصريحات على أن موضوع جامعة حزب التقدم والاشتراكية السنوية تفتح الباب على مصراعيه للتفكير في ثنائية القطاع العام والخاص وصولا إلى وصفة تحمل الدولة مسؤولياتها والتزاماتها اتجاه المجتمع بناء على التطورات الحاصلة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وتواصل في الآن نفسه الحفاظ على القطاع الخاص وفق مقاسات تجعله يؤدي دوره في إطار رهانات العولمة، والمنافسة الحرة، وتجعله قادرا على مواكبة الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء.

إجماع على ضرورة إيجاد صيغة ذكية للتقارب بين القطاع العام والخاص

خالد الناصري*

حزب التقدم والاشتراكية حينما نظم دورة هذه الجامعة السنوية، فمنطقه التعامل بما يملك من قدرات وما يلزم من عمق مع قضايا مجتمعية كبيرة.
 وحين نتحدث عن موضوع القطاع العام والخدمة العمومية فإننا ننظر لإمكانية العمل على تطبيق تصورنا لمستقبل بلادنا ومشروعنا المجتمعي.
 لا شك أن هناك عدة مقاربات للموضوع الذي تكتنفه جوانب سياسية، من جهة، وجوانب اقتصادية من جهة ثانية، وجوانب تقنية من جهة ثالثة.
 المهم بالنسبة لنا هو البت في بعض المقاربات التي يمكن أن نختزلها في مقاربتين اثنتين نرفضهما على حد سواء.
 المقاربة الأولى وهي دوغمائية، إذ تعتبر أن كل ما يجب القيام به هو أن تسيطر الدولة على المجال الاقتصادي وأن تسود القطاعات العامة على الممارسة الاقتصادية وإقصاء الاقتصاد الخاص.
 وهناك كذلك مقاربة ثانية دوغمائية هي الأخرى، ونرفضها كذلك، والتي ترى أنه ما يجب العمل به هو منح كل الصلاحيات للقطاع الخاص، وأنه لا مجال للتعامل مع قطاع عام له فعالية ونجاعة.
 إذن نرفض هاتين المقاربتين كونهما تتسمان بالبعد الدوغمائي كما قلت، ولا تدفعان بعجلة الاقتصاد للسير بكيفية متوازنة.
 هذه أهم القضايا التي ارتأى حزب التقدم والاشتراكية أن يتعمق فيها من خلال مداخلات المختصين في العلوم السياسية بالخصوص، وفسح المجال ليتم التداول في هذه القضايا انطلاقا من المقاربة الشمولية التي دأب عليها الحزب.

*عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكيةSans titre-25

لحسن فلاح*

هذه بادرة طيبة يقوم بها حزب التقدم والاشتراكية الذي دأب سنويا على تنظيم اللقاءات الفكرية التأطيرية، والتي نحن في حاجة إليها، والتي تعطي كذلك تكوينا أكاديميا وسياسيا.
موضوع جامعة هذه السنة هو موضوع الساعة، موضوع ذو راهنية أساسية لأنه يتعلق بالسياسات العمومية وعلاقتها بالتحديات المطروحة في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
 والأساسي صراحة، والذي أنوه به، هو أن حزب التقدم والاشتراكية منشغل بالتحديات التي تواجه الحكومة، والتقاط التحولات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، خصوصا وأننا أمام سنة اقتصادية صعبة بسبب الجفاف. لذا كان من اللازم إعادة النظر في مختلف السياسات العمومية لملاءمتها مع المستجدات الواقعة في المجال الاقتصادي والتي لها آثار على المستوى الاجتماعي، كما أن على الجميع أن ينكب على توجيه الأفكار والمخططات وإعادة النظر في المؤشرات الاقتصادية تماشيا مع الظرفية الحالية.
وكما سبق وقلت يجب إعادة النظر كذلك في السياسات العمومية خصوصا سياسة التدبير المفوض لأنها لم تعط النتائج المنتظرة منها، حيث يتضح لنا اليوم أن هناك تراجعا في الخدمات التي تم تفويضها، لذا أقول إنه يجب مراجعة هذه التدبير وآلياتها من أجل حفظ مصلحة المواطن وخلق توازن داخل المجتمع.

*عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلالSans titre-28

يونس مجاهد*

الجامعة السنوية لحزب التقدم والاشتراكية اختارت صراحة موضوعا جد مهم، ويقع في قلب الإشكالات السياسية المطروحة في المغرب، لأن السؤال المطروح اليوم هو إلى أي مدى على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها والتزاماتها اتجاه المجتمع بناء على التطورات الحاصلة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ليس فقط على المستوى الوطني، بل على المستوى الدولي أيضا، وكيف يمكن للدولة أن تواصل الحفاظ على القطاع العام وفي نفس الوقت أن يؤدي هذا القطاع دوره في إطار التصورات والتحديات الراهنة كالعولمة، والمنافسة الحرة، ومواكبة الاقتصاد، والحاجات الاجتماعية، لذا فأنا أعتقد أن هذا النقاش مهم جدا، لأنه ذو طابع واقعي برغماتي وليس نقاشا إيديولوجيا محضا، لأن بلدا مثل المغرب، من وجهة نظري، لا زال في حاجة لتدخل الدولة ومواصلة التزاماتها على مستوى تدبير المؤسسات والمقاولات العمومية، كما أنها ملزمة أيضا بتطوير المرفق العام والخدمة العمومية، لأن القطاع الخاص، ورغم أهميته، غير قادر لوحده على القيام بالأدوار الأساسية في ما يخص الخدمة العمومية، وذلك من خلال مسألتين: أولا البحث عن طرق ووسائل جديدة وملائمة لاستمرار الخدمة العمومية والقطاع العام. ثانيا، تطوير آلية المراقبة والحكامة الجيدة، وأشدد على هذه المسألة لأن عددا من المؤسسات الحكومية والقطاعات العامة تفلس، ليس بسبب انعدام الأرباح ولكن بسبب إدارتها التي تسير بشكل سيء.
لهذا فنقاش اليوم مهم، ويمتاز كذلك بتداخل عدة تيارات التي تختلف فيما بينها، بين من يرى أن تقوم الدولة بالتخلي عن التزاماتها، وبين من يرى أن على الدولة تصحيح هذه الالتزامات.
 أكيد أن الحلول ليست سهلة، لكن المجتمع ينتظر إجابات حقيقية.

*عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 

عبد الواحد الجاي* Sans titre-22

من خلال هذه الجامعة التي ينظمها حزب التقدم والاشتراكية تمت مناقشة موضوع القطاع العام وإبراز أهميته وتطوره بالنسبة للسياسة العمومية للحكومة الحالية والحكومات التي ستأتي بعدها.
 الهدف الرئيسي يرتكز أساسا على خدمة المواطن وخدمة المجتمع بصفة عامة، لذا تم تقييم الخدمات العمومية المقدمة من طرف القطاع العام والخاص والكيفية التي تنظم بها هذه الخدمات، وكيف تتطور في إطار السياسة الحالية التي يبدو أنها تتجه نحو مزيد من الخوصصة.
 فالتناقض الحاصل في القطاع العمومي، بالنظر لصيرورته وانطلاقته التي شهدها في العهد القديم وتراجعه مع الخوصصة التي انطلقت مع نهاية الألفية الأولى وبداية الثانية عبر الحكومات التي تعاقبت آنذاك، هو بداية تبلور الخوصصة في قطاعات عمومية أساسية كالصحة والتعليم. لذا يجب تدبير هذا التناقض بكيفية عقلانية، نراعي خلالها مصلحة المواطن والمصلحة العامة، وفي نفس الوقت نعطي  القطاع الخاص فرصة لتأدية واجبه الاقتصادي في إطار صلاحية القطاع العام لتوجيهه في قالب متكامل بين القطاعين دون إقصاء أحدهما للآخر. وهذا هو التحدي الذي يواجهنا اليوم خصوصا مع قلة الإمكانيات. كما أن هناك إشكالا آخر، ويتعلق الأمر بمشكل الجبايات، إذ كيف يمكن للدولة أن تأخذ جبايات كافية دون حرمان القطاع الخاص من إمكانياته. لذا على الدولة خلق توازن وتكافؤ بين القطاع العام والخاص مع تفعيل المراقبة وتحديث القطاعين معا لما فيه ضمان للعدالة الاجتماعية..

*نائب رئيس مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث الاقتصاديةSans titre-24

فاطمة الزاوي*

الجامعة السنوية لحزب التقدم والاشتراكية اليوم، تطرح للنقاش موضوعا له أهمية كبرى ويشكل تحديا،  لأنه يهم تجويد الخدمات العمومية وتحديث القطاعات العامة.
 لكن هذا التحدي لا يمكن أن يشمل القطاع العام لوحده، بل يجب أن يكون بشراكة مع القطاع الخاص. ونقاش جامعتنا اليوم انصب حول كيفية خلق تزاوج وتوازن بين القطاعين العام والخاص لتدبير الشأن العمومي.
 أشير فقط إلى أن تدبير الخدمات الاجتماعية من طرف القطاع الخاص، بشكل عام، أو عبر التدبير المفوض، له تاريخ في المغرب يعود لحوالي 100 سنة، إلا أنه كان متدرجا، وعرف عدة مشاكل نتج عنها عزوف عن الكيفية التي يتم بها التدبير.
الآن، أمامنا فرصة من أجل تقارب الرأي بين متطلبات القطاع العام والخاص في ما يخص تجويد الخدمات والمسؤولية في التدبير، من أجل أن تكون له فعالية ونتائج إيجابية تعود بالنفع على المجتمع، كما ندعو المواطن أن يكون شريكا في هذا التدبير من أجل تحقيق متطلباته وكذلك من أجل تحقيق عدالة وتوازن اجتماعيين.

*عضوة اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ورئيسة قطاع التعليم العالي للحزب Sans titre-18

سعد بلغازي*

أنوه أولا باختيار هذا الموضوع القيم من قبل الجامعة السنوية لحزب التقدم والاشتراكية، وأقول إن العدالة الاجتماعية لا تكمن في الملكية العمومية أو الخصوصية، فيمكن أن يكون تدبير الملكية العمومية غير عادل وغير ناجع، وكذلك بالنسبة للملكية الخصوصية، إلا أنه في حالة التدبير غير الناجع وغير العادل في الملكية الخصوصية، يكون هناك ضياع وتنعدم الآفاق في المستقبل.
 ففي بعض الأحيان قد يتنمى ويتطور الرأسمال الخاص دون احترام المعايير الضرورية للحفاظ على الرأسمال البشري، هذا من جهة. من جهة أخرى هل يمكن أن يكون هناك تكامل بين الرأسمال العام والخاص؟
 أقول إن الأساس في تطور الاقتصاد المعاصر هو أن تضع أي مؤسسة لها سياسة ترابية، ولها مسؤولية فيما يخص الخدمات العمومية وخاصة الخدمات المبينة على شبكات، كشبكة الصحة، التعليم، التجهيز وغيرها، -أن تضع- معايير محددة بطريقة اجتماعية منفتحة وديمقراطية مبنية على دراسات.
 هذه المعايير كذلك يجب مسايرتها واحترامها من أجل الحفاظ على المصلحة العامة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافؤ بين مختلف شرائح المجتمع فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية.

* أستاذ جامعي سابق ومستشار اقتصادي

Top