صداع الرأس أثناء الصيام هي حالة طبية معروفة، وتعتبر أحد أنواع الصداع العرضي الناتج عن الجوع. هذا بغض النظر عما إذا كان الشخص مصابا بمرض الصداع النصفي أو التوتري المزمن والذي قد تزداد حدته أو تنقص أيضا خلال شهر رمضان، مما يستدعي خبرة طبية وتعرفا على تاريخ المريض والمرض قبل إصابته بالصداع في شهر رمضان.
ليس هناك لحد الآن سبب أو تفسير علمي مقنع لهذا النوع من الصداع، وقد يكون السبب هو تدني مستوى الغذاء الذي يصل إلى الدماغ، وجميعنا يعرف مدى أهمية عنصري الجلوكوز والأوكسجين في الدم فهما غذاء المخ، وتدني مستوى الجلوكوز بسبب الصيام قد يكون هو السبب الرئيس في صداع أول يوم رمضان.
أما صداع ما بعد الإفطار، فالسبب الرئيسي فيه هو هروب الدم من مناطق الجسم المختلفة الى الأمعاء لكي يتزود بالسكريات والمغذيات، وخاصة إذا تم تناولها على شكل سائل، لذلك قد يشعر المرء بقشعريرة وبرد في الأطراف قبل أو بتزامن مع الشعور بألم الرأس.
وهناك عدة أسباب أخرى قد تلعب دورا أو آخر في تفاقم ألم الرأس في أيام رمضان مثل:
*عدم الانتظام في مواعيد النوم، بحيث يطيل الكثير من الناس السهر إلى غاية موعد تناول السحور بل منهم من يبقى مستيقظا في انتظار موعد أداء صلاة الفجر.
* التغيير في مواعيد وجبات الطعام حيث اعتادت المعدة على نظام ثلاثي في الإفطار والغداء خلال النهار ومن ثم العشاء ليلا، وقد يكون تغيير مواعيد الأكل سببا كافيا في تهييج أعصاب المعدة والتي تكون صائمة طوال النهار ويتم إدخال الكثير من الطعام عليها في مواعيد متقاربة خلال ليل رمضان.
* نقص كمية الكافيين (الشاي والقهوة) التي يتناولها الشخص، بسبب الصيام وعلى غير العادة في الأيام الأخرى حيث يكون الجسم مدمنا على جرعة معينة من الكافيين أو غيره من المنشطات صباحا. وهكذا يبدأ ظهور ما يسمى بالأعراض الانسحابية كدفاع ذاتي من الجسم عن حقه المعتاد بتناول الكافيين، ويعد ألم الرأس من بين تلك الأعراض.
* نقص كمية النيكوتين بسبب ترك التدخين في نهار رمضان. وفي كل الأحوال يرى الخبراء بأن الأعراض الانسحابية مثل الشعور بالألم ووجع الرأس هي غير حقيقية، ويمكن التغلب عليها، لذلك ينصح من عزم على ترك التدخين أن يحتمل الألم لأيام ومن ثم يرتاح نهائيا من هذه الآفة التي تسمى تدخين.
* الشد العصبي، التوتر، الإجهاد وكثرة العمل تعتبر أيضا من محفزات ومستثيرات الإصابة بالصداع في رمضان، وخصوصا في نهار رمضان.
سبل الوقاية
يجب محاولة تعويض فترة الصيام بأنواع وكميات مناسبة من الطعام لمد الجسم بكمية مناسبة من الطاقة أثناء نهار رمضان. كما يتعين الاهتمام بشكل أساسي بوجبة السحور وتذكر الحديث الشريف (تسحروا فان في السحور بركة).
ويستحسن الحد من السهر والنوم في وقت مبكر ما أمكن ذلك، ويمكن القيام لاحقا لتناول وجبة السحور بهدف تحقيق توازن في الساعة البيولوجية للجسم، لذلك ينصح بالنوم الكافي بين انتهاء التراويح والسحور. ويجب تأخير وجبة السحور قدر الإمكان والحرص على أن تحتوي علي نظام غذائي متنوع ومتوازن ومتكامل.
كما ينصح الصائمون بشرب كميات مناسبة من السوائل والماء، وأكل كمية كافية من الخضار، مع تقليل اللحوم والأكل الدسم، حيث تعمل الخضار على إفراز الماء الذي بداخلها طوال فتره هضمها وتمد الجسم كذلك بالعناصر الغذائية التي يفقدها أثناء الصيام.
ومن يصاب بالصداع بسبب المشروبات المنبهة، فعليه تعويد الجسم، قبل رمضان، على الإقلال منها لا أن يقوم بزيادتها بحجة أنه لن يكون له في رمضان فرصة لشربها، فبتقليلها يتعود الجسم على فقدانها تدريجيا، وبالتالي لن يصاب الشخص بالصداع في أول يوم من أيام رمضان لهذا السبب.
ومن الأفضل التقليل قدر الإمكان من المنبهات في رمضان مثل الشاي والقهوة، والابتعاد بشكل كامل عن المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والاكتفاء بالعصائر الطبيعية من الفواكه وعدم الإسراف فيها بدورها. كما يفضل تناول الفواكه أيضا كتحلية وتجنب بالمقابل الحلويات المسكرة والدسمة.
وعند الافطار يستحسن تجنب المشروبات الحلوة جدا، وأفضل شيء يمكن أن يفطر الشخص عليه هو التمر والماء، وبعدها يتناول الأكل الخفيف ويترك وجبه الطعام الرئيسية لما بعد صلاة التراويح.
من العوامل المساعدة أيضا الحرص على لبس النظارات الشمسية، تجنب التعرض لأشعة الشمس، ولبس القبعة. وإذا كنت تعاني من مشاكل في الأسنان ،أو الأنف أو العيون أو كان لديك صداع مزمن أو صداع نصفي فلابد أن تراجع الطبيب قبل صيام شهر رمضان.
علاج الصداع
من أفضل العلاجات البديلة لصداع الرأس الوخز بالإبر الصينية، حيث تعمل على إلغاء الألم في لحظته ولن يكون هناك حاجة إلى أي علاج آخر. لكن في حال عدم توفره فيمكن عمل مساج لأعلى نقطة في الرأس بواسطة فرشاة شعر خشنة وعمل مساج قوي لما بين الإبهام والشاهد، هذا الأمر سيقوم بإلغاء أو على الأقل تخفيف الألم. أما إذا كنت لا تستطيع تحمل نوبات الصداع الذي يصيبك، فبالإمكان تناول مسكنات وعلاج لتكون وقائية لك من نوبة الصداع، طبعا بعد استشارة الطبيب.