تحاور المناضلة ثريا الصقلي المرشحة ضمن اللائحة الوطنية للنساء لحزب التقدم والاشتراكية

> كيف تنظرين إلى المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها النساء المغربيات؟
> كلنا نعلم أن النساء يعشن معاناة مضاعفة من المشاكل الاجتماعية التي تعرفها بلادنا. فعلى مستوى التربية والتعليم هناك ارتفاع أكبر لنسبة الأمية في صفوف النساء مقارنة مع الذكور وخاصة في المجال القروي. ورغم أن نسبة تمدرس الفتيات تقارب مائة بالمائة في التعليم الابتدائي، إلا أن الفتيات يغادرن كراسي الدراسة ويتعرضن للهدر المدرسي بصفة أكبر من الفتيان لدى الوصول إلى المستوى الإعدادي. وتعاني الفتيات أيضا من الزواج المبكر الذي يجعلهن فريسة لمعاناة أكبر ومسؤوليات أكثر تفوق طاقتهن. وأحيانا تنضاف هذه المسؤوليات إلى مسؤولية العمل خارج البيت في هذه السن المبكرة، فتصبح تلك الفتاة مطالبة بأعباء كبيرة يفرضها التوفيق بين مهامها كامرأة عاملة ومهامها كزوجة وأم لأطفال صغار. في مجال التشغيل المرأة تواجه مشكل التمييز وعدم المساواة في الاستفادة من حقها في التشغيل، وكذا من ضعف الأجر المقدم لها مقارنة مع الرجل. فالمرأة تساهم، من خلال عملها داخل البيت وخارجه، في النسيج الاقتصادي، ولكن دون اعتراف لها بهذا الدور ودون توفير الوسائل لتخفيف العبء عليها.
ومن الجوانب الاجتماعية التي تواجه فيها المرأة حيفا كبيرا وواضحا كذلك، هناك القطاع الصحي، وتحديدا فيما يتعلق بإشكالية الصحة الإنجابية. هناك بالفعل تحسن وإنجازات مهمة تم تحقيقها خلال السنوات الأخيرة، ولكن يبقى غير كاف بالنظر إلى الحاجيات الموجودة. فما زلنا نواجه مشاكل كبيرة في مجال الوقاية والعلاج خلال فترة الحمل وعند الولادة، مما يحد من الجهود المبذولة لخفض نسب وفيات الأمهات عند الولادة. وللأسف المشاكل تظل مترابطة فيما بينها بما أن الأخطاء الصحية التي ترتكب في فترة الحمل نجد أنها ترجع في أحيان كثيرة إلى عدم تمكن المرأة من الولوج إلى حقوق أخرى مثل التعليم والسكن والبنيات التحتية والتغطية الصحية، مما يترتب عنه صعوبة الولوج إلى العلاج إما بسبب الجهل أو الفقر أو غياب وسائل النقل والبعد عن المراكز الاستشفائية.

> كيف يجيب برنامج حزب التقدم والاشتراكية عن هذه الانتظارات؟
> بالطبع المشاكل الاجتماعية توجد في صلب اهتمام حزب التقدم والاشتراكية. وهذا واضح كذلك من خلال البرنامج الانتخابي للحزب برسم استحقاق 7 أكتوبر. فبخصوص التمدرس، يمكن الحديث عن أبرز اقتراح للحزب وهو إقرار إجبارية التعليم من 3 إلى 15 سنة وتشجيع التعليم الأولي. فحاليا لا يستفيد الطفل والطفلة من سن مهمة في حياتهما يقضيانها في المنزل وهي فترة من 3 إلى 6 سنوات، علما أن الطفل يكون في هذه السن المبكرة أكثر استعدادا للتلقي والاستيعاب لكل المعلومات التي يمكن أن تمنح له ضمن برامج ومناهج تربوية بيداغوجية وحديثة، بما يضمن تقوية شخصيته ومنحه المؤهلات الضرورية للنجاح في مساره الدراسي والشخصي بصفة أفضل. هناك فئة عمرية مهمة أيضا هي فئة الشباب من 15 إلى 24 سنة الذين تعرضوا للهدر المدرسي في فترة ما وأصبح من الصعب لاحقا إعادة إدماجهم في أسلاك التربية والتكوين. وبالتالي فمن الضروري إيجاد برامج خاصة لمحاربة الأمية والبطالة في صفوف هذه الفئة. وبالنسبة إلى الفتيات نقترح تعزيز برنامج إحداث دور الفتاة التي تشكل مخرجا مهما لإشكالية الهدر المدرسي في صفوف الفتيات من خلال تقريب الدراسة وتيسيرها لهن في مستوى الإعدادي.
فيما يخص الحق في الصحة، لابد من إعطاء دفعة أكبر لمسألة تحسين ولوج النساء للخدمات الصحية في مجال الصحة الإنجابية من خلال تعزيز الوقاية والعلاج خلال فترة الحمل وعند الولادة. وهذا يتطلب، إضافة إلى تحسين مستوى الإجراءات التي تم بالفعل اتخاذها في هذا الصدد، (يتطلب) مزيدا من الجهود لتوفير الموارد البشرية. وقد سطر برنامج الحزب لهذا الغرض هدف تخريج 4500 إطار سنويا عوض 2000 حاليا، مما يستدعي بدوره ضرورة الرفع من ميزانية وزارة الصحة، مع أهمية إقرار سياسة تعتمد جهوية التخطيط حسب الحاجيات.
الحق في الصحة يعني أيضا الحق في توفير محيط وبيئة ملائمين، ببنيات ووسائل ملائمة، مما يتطلب بدوره سياسة جريئة في هذا المجال، وهي السياسة التي دشن لها حزبنا من خلال توليه لمهمة تسيير قطاع الصحة في إطار الحكومة الحالية، بحيث تم بالفعل تعزيز الاستجابة للحاجيات المسجلة بإحداث العديد من المراكز الاستشفائية وإحداث الوحدات الطبية المتنقلة، الاستعجالية منها والاستشفائية، وخاصة طائرات الهليكوبتر للطوارئ التي مكنت من تجاوز أوضاع جد صعبة كانت تعانيها النساء في الحالات الاستعجالية بالمناطق النائية. وبالتالي نحن في حاجة إلى المزيد من هذه الوحدات وإلى ابتكار حلول مماثلة.
من جهة ثانية، هناك جانب مهم من العلاجات المقدمة للنساء يحتاج بدوره إلى مزيد من تسليط الضوء وهو المرتبط بالوقاية والتشخيص المبكر للأمراض الخطيرة، وعلى رأسها مرض السرطان الذي يتفشى في صفوف النساء. ونقترح في هذا المجال تقوية السياسات العمومية للتشخيص المبكر لأمراض السرطان وتحسين مستوى التغطية الصحية، حتى تتمكن النساء من مواجهة المرض بشكل أفضل بحيث لا يصل إلى مراحل متقدمة يصعب معها العلاج.

> كيف يمكن لتحسين التمثيلية السياسية للنساء أن يكون أيضا وسيلة لمواجهة هذه الإشكالات؟
>حزب التقدم والاشتراكية كان دوما سباقا إلى رفع راية المساواة وتقوية حضور النساء في جميع مجالات الحياة بما فها المجال السياسي. وتعود بي الذاكرة في هذه اللحظة إلى سنة 1993 عندما تمكنت النساء من ولوج قبة البرلمان كمنتخبات لأول مرة، وذلك بوصول مناضلتين اثنتين إلى مجلس النواب. لأقول إننا قطعنا شوطا كبيرا منذ ذلك الحين وتمكنا من التقدم على مستوى التمثيلية السياسية للنساء بفضل نضالات القوى الحية وبفضل الإجراءات الإيجابية لتحسين هذه التمثيلية. ولقد تجاوزنا أيضا مرحلة محاولة الإجابة عن سؤال “هل يمكن للمرأة بالفعل أن تضطلع بمسؤولية التمثيلية السياسية”، لأن النساء برهن بالفعل عن قدراتهن وكفاءتهن في جميع المجالات. كما أن دستور 2011 رفع مستوى النقاش والمطالب بهذا الخصوص، علما أن النساء اليوم أثبتن كفاءتهن حتى في مجال التدبير الحكومي في ميادين كالسياسة الخارجية، والطاقة، والبيئة والأسرة، وفي المجال الاقتصادي والقطاع الخاص كذلك من خلال ترأس المرأة لقطاع المقاولات… وغيرها من المجالات التي يوجد اليوم على رأسها نساء يقمن بتسييرها بكل كفاءة. وبالتالي فنحن اليوم أمام سؤال أكبر هو كيفية الاستجابة لحاجتنا إلى سياسات عمومية تجعل من قدرات النساء قيمة مضافة لتلبية متطلبات التنمية لدى المجتمع بكل فئاته. والجواب طبعا هو من خلال تدابير حقيقية لمكافحة التمييز وتعزيز الحقوق والمكتسبات التي تحققت للنساء خلال السنوات الأخيرة في المجالات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية. وذلك ما نطمح أن يتحقق من خلال الرفع من التمثيلية السياسية للنساء، بدءا من التصويت عليهن بكثافة خلال استحقاق 7 أكتوبر، وخاصة نساء حزب التقدم والاشتراكية الذي ناضل وما يزال من أجل هذه الأهداف النبيلة ونتمنى أن تعطيه الانتخابات الحالية فرصة للمضي في تحقيقها.

حاورتها: سميرة الشناوي

Related posts

Top