![](images/BAYANE2012/mois12/3/photo mahtate.jpg)
ومن ثم، فإن المسيرة، التي انطلقت من ساحة باب الأحد وعبرت شارع محمد الخامس قبل أن تتوقف مقابل مقر البرلمان، جاءت معبرة عن تطور إيجابي وسط المجتمع في الإحساس بالمسؤولية الجماعية تجاه المصابين بهذا الداء، ودعوة لكل الأطراف لحمايتهم واحتضانهم، وصد التمييز والتهميش عنهم، كما أنها شكلت كذلك بادرة تضامن مع المرضى، وتنبيها للعدد المتنامي لحاملي الفيروس…
فعلا، لقد بذلت كثير جهود في المغرب في مجال محاربة «السيدا»، وفي التكفل بالمرضى، ويتم منح الدواء للمصابين من لدن وزارة الصحة، لكن المشكلة تستمر في عدم المعرفة بالإصابة أصلا، وبالتالي فالأعداد المعلنة هي دائما تقريبية، كما أن نسبة المصابين الذين يجهلون إصابتهم لا زالت مرتفعة، ما يجعل خطر انتشار العدوى متواصلة ومتفاقمة، وهذا يطرح الكثير من التحديات على صعيد التوعية والتشخيص، وهو ما تساهم فيه الجمعيات المدنية منذ سنوات بشكل نضالي كبير، لكن الأمر يتطلب مضاعفة الجهد، وانخراط المدرسة في تفعيل برامج ومخططات للتوعية، وأيضا للتربية على الصحة الجنسية والصحة الإنجابية لفائدة المتمدرسين بمختلف أسلاك التعليم والتكوين، بالإضافة إلى وسائل الإعلام… ولاشك أن مبادرة المنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا، وأيضا تظاهرة «سيداكسيون» السنوية عبر التلفزيون التي ترعاها جمعية مكافحة السيدا، من شأنهما تعزيز هذه الدينامية التحسيسية وسط المجتمع، وتكسير الطابو في الحديث عن المرض وعن المصابين به.
لقد جسدت مسيرة الرباط شجاعة الفكرة وجرأة تنفيذها، كما أنها تميزت بتنظيم محكم، وبتفاعل إيجابي من لدن الجمهور في الشارع، وخلت من أية ارتباكات أو ردود فعل سلبية، وهذا يحتم مواصلة النزول عند الناس، وليس فقط عبر مسيرات الشارع، بل أيضا من خلال المدرسة والإعلام، من أجل التوعية وترسيخ المسؤولية وسط المجتمع بغاية مواجهة الداء ورعاية المصابين به واحترام كرامتهم وحقوقهم.
[email protected]