هو تشكيلي ونحات عصامي، عشق سحر الأماكن وألوانها الزاخرة بعبق الماضي وحكاياته، خاصة المدينة العتيقة لمسقط رأسه، تكون فيه الجانب الفني والجمالي بشكل فطري، فتفاعل معه وطوره وصقله بالحنين والذاكرة البصرية، إنه الفنان بوشعيب المكوتي، ابن مدينة آزمور، حيث كان مولده سنة 1953، فنان عصامي وجد ضالته في الرسم والنحت لممارسة هوايته الفنية التي يظهر من خلالها قدرة ملحوظة على توظيف ذاكرته الاستيعابية، حيث كانت انطلاقته فترة السبعينيات من خلال مشاركته في ملتقيات الكشفية التي كانت تنظم بغابة المعمورة رفقة ثلة من أقرانه، وهم منخرطون في ورشات الرسم، ليخلق بعد ذلك مرسما خاصا به، وشرع في الاحتكاك بتجارب لفنانين سابقين مطورا اتجاهه ليقف عند المدرسة الانطباعية التشخيصية، حيث يشتغل بألوانه المائية المميزة في تشخيص مشاهد ومناظر أغنت ذاكرته الفنية، حيث تجد نفسك أمام فنان مبدع حداثي، لوحاته تحمل مشاهد مغربية من تراثه الثقافي، لقد استطاع الفنان بوشعيب المكوتي بتوليفاته المحبكة ذات الرمزية والقيمة التاريخية أن يحولها لصور ناطقة، تحاكي لغة الذاكرة البصرية التي تختزن جزءا كبيرا من الماضي القريب بمعشوقته مدينة آزمور، ليس بحسب في مجال الرسم وإنما حتى النحت على الخشب الذي وجد فيه ذاته بقدر أكبر من الرسم، من خلال ترويض خاماته والمواد التي يشتغل عليها، دون أن تخلق خللا بصريا أو تباعدا عاطفيا بين المشهد المعروض “لوحة أو نحت” وبين المتلقي، فهو بذلك يجعل من الرسم أداة لتوثيق ماضي المدينة الزاخر وبتراثها الغني والأصيل ومن منحوتاته، رسالة للحفاظ على القيم الإنسانية، وعن تناقض الفكرة الهشة بين الخير والشر. فهو يتعامل مع أعماله بابتكار وموهبة ومحبة صادقة التنفيذ تأخذه من الانطباع إلى التجريد والتشخيص والواقعية والمعاصرة بلمسات مدهشة تبعث في الخامات الحيوية والحركة والحياة من الخشب.
يقول عنه الفنان التشكيلي بوشعيب خلوق: ” المكوتي، فنان من طينة أصيلة، كون نفسه بنفسه، أعماله الفنية تحمل سحر الشجن والحنين الذي يستعمله للتعبير عن فترة زمنية جميلة، شهدتها مدينة آزمور، فهو فنـان يتميز بالنشاط الفني الملحوظ في المجالين الرسم والنحت، هذا الأخير الذي أبدع فيه من خلال تطويعه للخشب بكيفية جد لطيفة، يمكن اعتباره من الفنانين المجددين في مجال الرسم والنحت لكثرة أعماله الفنية التي حققها بفضل خبرته ومواصلته المستمرة وبحثه الدائم”..
يرى بوشعيب المكوتي أن للتراث أهمية كبيرة تفرض على أي إنسان أن يعمل من موقعه للحفاظ عليه وتوثيقه وإبرازه بأي وسيلة، لأنه سيبقى الشاهد على تلك الحضارة، حيث يقول بخصوص مدينته أزمور وبكل حسرة: “لو منحوني فرصة لرممتها وأعدت لها ماضيها الحنين، فحالها اليوم يبكي لما آلت إليه من نسيان على كافة المستويات”.
> محمد الصفى