وعدت السلطات المصرية بأن تكون الانتخابات التشريعية «شفافة», ولكن بالنسبة للمصورين الأجانب, فان مجرد التقاط صورة عادية لصندوق اقتراع الأحد غالبا ما كان مهمة بعيدة المنال بسبب صرامة رجال شرطة ومسؤولو مكاتب الاقتراع. في حي الدقي بالقاهرة, كان مجرد رؤية آلة تصوير على كتف صحفي كفيلا بإثارة قلق ثلاثة رجال شرطة عند مدخل احد مكاتب الاقتراع فبدأوا على الفور في الاتصال برؤسائهم على هواتفهم المحمولة.
وقال أحد رجال الشرطة بصوت منخفض موجها حديثه عبر الهاتف الى احد رؤسائه في انتظار التعليمات: «يا باشا (اللقب الذي يخاطب به رجال الشرطة في مصر رؤسائهم), انه يحمل ثلاث كاميرات ويعلق بطاقة حول رقبته».
وأخذ بعد ذلك رجل الشرطة يقدم وصفا تفصيليا دقيقا للبطاقة الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات والتي تسمح للمراسلين الأجانب بتغطية الانتخابات, وأسهب الرجل في الإبلاغ عن لونها وحجمها وكل كلمة مكتوبة عليها.
وجاء القرار الحاسم أخيرا: «هذه البطاقة لا يعتد بها».
-»ولكننى حصلت على هذه البطاقة لكي أتمكن من تغطية الانتخابات».
-»هذه البطاقة تسمح لك فقط بالمشاهدة, لا يمكنك التصوير».
يتوجه المصور الصحفي إلى حي آخر, امبابة. ولكن هناك أيضا لا مجال للتفاهم حول إمكانية دخول مكتب الاقتراع. ويطلب شرطي منه أن يرحل متبرعا بإسداء النصح له: «لديك زوم في الكاميرا, يمكنك التقاط صور عن بعد».
ويراود المصور الصحفي الأمل في أن يتمكن من بلوغ هدفه المتواضع في مكتب آخر للاقتراع حين يقول له شاب مبتسما ومرحبا «أنت صحفي, أهلا بك». ولكن بمجرد أن يصل أمام صندوق الاقتراع تتغير اللهجة: «ينبغي الحصول على إذن من رؤسائي وهم ليسوا هنا …».
وكانت السلطات اعتبرت أن وجود حوالي 500 صحفي أجنبي معتمدين لتغطية هذه الانتخابات دليلا على حرصها على شفافية الاقتراع.
وبعدما رفضت السلطات السماح بوجود مراقبين أجانب, قدمت وجود الصحافة الأجنبية كضمانة لحسن سير الانتخابات.
ووفقا للتعليمات الرسمية التي تم توزيعها على وسائل الإعلام الأجنبية, فان للصحفيين حرية الدخول الى مكاتب الاقتراع والمراكز التي تجرى فيها عمليات الفرز ولكن بشرط الحصول على موافقة رئيس مكتب الاقتراع أو رئيس اللجنة العامة للدائرة الانتخابية وهي مسألة معقدة.
وفوجئت صحفية تحمل كاميرا فيديو حالفها الحظ وتمكنت من دخول مكتب اقتراع في ساعة مبكرة من صباح اليوم بأنه لا يوجد عازل يسمح بسرية التصويت.
أما الصحفيون الذين لا يحملون إلا الأقلام والأوراق فكانوا يدخلون بسهولة أكبر إلى مكاتب الاقتراع ولكن ليس كلها.
ففي الإسكندرية, على البحر المتوسط, رفض غالبية مسؤولي مكاتب الاقتراع دخول الصحفيين حتى لو كانوا يحملون بطاقات من اللجنة العليا للانتخابات, بحسب ما أفاد مراسلو فرانس برس. وكان رجال الشرطة يكتفون بالقول «إننا ننفذ التعليمات».