حزب التقدم والاشتراكية يستهجن عدم قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الناجعة لمواجهة الارتفاع المتواصل للأسعار

عقد المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية اجتماعه الدوري، يوم الثلاثاء 18 مارس 2025، إذ تداول في عددٍ من القضايا ذات البُعد الوطني، وفي تطورات الأوضاع بفلسطين، وفي مواضيع مرتبطة بالحياة الداخلية للحزب.

شجبٌ لاستغلال الأوضاع الاجتماعية الصعبة في شراء الضمائر تحت يافطة “العمل الخيري” من طرف بعض مكونات الأغلبية

في البداية، أعرب المكتبُ السياسي عن استهجانه لعدم قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الناجعة لمواجهة الارتفاع المتواصل للأسعار، والتدهور الـــــمُطَّرِد للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، والارتفاع المهول لمعدلات البطالة، واتساع دائرة الفقر والهشاشة، ولمعالجة الأوضاع الاجتماعية المقلقة، أو على الأقل التخفيف من وطأتها الشديدة على المغاربة بجميع فئاتهم، ولا سيما على الفئات المستضعفة والطبقة المتوسطة.
وعوض الانشغال بقضايا وآلام وانتظارات المواطنات والمواطنين، والتعاون المثمر لإيجاد الحلول للمعضلات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، فإنَّ مكوناتِ الحكومة، وخاصة الحزب الذي يرأسها حاليَّا، انخرطتْ في سباقٍ محموم وسابق جدًّا لأوانه على من سيتصدَّرُ نتائج انتخابات 2026. والأدهى من ذلك هو ما يتمُّ اللجوءُ إليه من توزيعٍ لـ”مساعداتٍ”، بشكلٍ واسع، وبإمكانيات مالية هائلة، وبتسخيرٍ لوسائل عمومية، لأغراض انتخابوية واضحة، في تشويهٍ وتحريفٍ للتضامن الإنساني وللأعمال الخيرية النبيلة.
إن حزبَ التقدم والاشتراكية إذْ يشجُــــبُ هذا السلوك المُخالِف للقواعد القانونية المؤطرة للإحسان العمومي ولتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، فإنه يَــــعتبرهُ مسًّا خطيرًا بقيم وأخلاق المجتمع، واعتمادًا مرفوضًا على منطق الرشوة في العلاقة بين العمل السياسي والمواطن، وسعياً فاضحاً نحو استغلال أوضاع الفقر لشراء الذمم، وحملةً انتخابية غير مشروعة، وسلوكاً ملتوياًّ يكتسي خطورةً بالغة على العمل السياسي النبيل، وتصرُّفًا يَمُسُّ في العمق بالاختيار الديموقراطي الذي من مرتكزاته التنافسُ الشريف والنزيه والمتكافئ على أساس البرامج والبدائل والتصورات، وليس على أساس استعمال الأموال.
إن هذه الأعمال الفاسدة تستدعي تدخلًا سريعًا وقويًّا وحازماً من قِبَلِ السلطاتِ العمومية المختصة، لردعها وزجرها ومعاقبة مرتكبيها طبقا للقانون، وذلك من أجل صَوْنِ وتحصين العمل الخيري من أيِّ استغلالٍ سياسوي وانتخابوي.

ضرورة توحيد صفوف القوى الديموقراطية لتجسيد البديل التقدمي

إن ما تطرقنا إليه أعلاه من مظاهر سلبية وممارسات فاسدة، إضافةً إلى أَوْجُهٍ مختلفةٍ ومتعددة من القُصُور والفشل الحكومي في معالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يستدعي من كافة القوى الديموقراطية والتقدمية، السياسية والنقابية والجمعوية والمدنية والحقوقية، العمل على توحيد الصف وتشكيل جبهة سياسية واجتماعية واسعة، تُساهم في صياغة وتجسيد بديلٍ سياسيٍّ ديموقراطيٍّ تقدمي تلتَفُّ حوله كلُّ إراداتِ الإصلاح والتغيير وفئاتٌ واسعةٌ من الشعب المغربي.
في هذا الإطار، فإن حزب التقدم والاشتراكية، الذي يسجل إيجاباً بعض النداءات التي تسير في هذا الاتجاه، يعلن عن عزمه اتخاذَ مبادراتٍ ملموسة إزاء كل الأطراف التي تَـــــحْدُوهَا نفسُ الإرادة الإصلاحية، من أجل تنسيق وتوحيد العمل النضالي في قضايا مختلفة، بغاية بعث الروح في الحياة السياسية الوطنية، وإذكاء الأمل في أوساط المجتمع، وفتح آفاق معبِّئة أمامها، على أساس خوض معارك مشتركة، تجسيدًا للانتظارات الملحَّة والتطلعات المشروعة لفئات واسعة من شعبنا.
وفي نفس هذا السياق، سيعمل أيضاً الحزبُ، الذي يُشِيدُ عاليا بما يضطلع به فريقُهُ النيابي من أدوار سياسية نضالية ريادية، على السعي نحو تقوية العمل المشترك لمختلف مكونات المعارضة.

عمليات الهدم والترحيل بأحياء عددٍ من المدن: ضرورة التوفيق بين إعادة التأهيل وصَوْن حقوق المواطنين

من جهة أخرى، تناول المكتبُ السياسي عملياتِ الهدم والترحيل التي تطالُ عدداً من الأحياء في بعض المدن، وآخرها أحياء بمدينة الرباط، وما تثيره من تداعياتٍ مقلقة بالنسبة للأسر المعنية، خاصة على المستوى الإنساني والاجتماعي.
بهذا الصدد، فإن حزب التقدم والاشتراكية يؤكد على أهمية عمليات التهيئة وإعادة التأهيل الحضري التي تخضعُ لها عددٌ من مدننا المغربية. وفي نفس الوقت يُشدِّدُ الحزبُ على أنَّ هذه العمليات ينبغي أن تتم في إطار صَوْنِ حقوق وكرامة المواطنات والمواطنين.
وفي هذا السياق، يؤكد الحزبُ على أنَّ عمليات الهدم والترحيل يتعينُ الحرصُ على ألاَّ تتمَّ سوى بعد توفير كل الشروط الملائمة لإنجازها؛ ووفق مقاربة إشراك الساكنة والتشاور القبْلي معها وإقناعها بخصوص التعويضات والبدائل الـــــمُرضية؛ وطبقاً للمساطر القانونية الجاري بها العمل في ما يتعلق بإفراغ المباني أو هدمها والتعويض عنها؛ وأخذاً بعين الاعتبار لكافة الحالات والوضعيات (مُلاك، مكترون، أصحاب محلات تجارية ومهنية)؛ مع الحرص على التعميم العادل والمنصف للحلول التي تحظى فعلاً بالرضا والاتفاق، لتفادي الإضرار بمصالح الأسر المعنية بقرارات الهدم والترحيل، ولتجنُّب أيِّ مأساة إنسانية أو أيِّ احتقان، وهي المقاربةُ الإيجابية والبناءة التي يسعى إليها الحزبُ في كل مبادراته ذات الصلة.

إدانة شديدة لانقلاب الكيان الصهيوني على اتفاق وقف إطلاق النار ولاستئناف مجازره الوحشية بغزة

وتداول المكتبُ السياسي في تطورات الأوضاع بفلسطين الشقيقة، معرباً عن إدانته القوية لانقلاب الكيان الصهيوني على اتفاق وقف إطلاق النار، ولاستئنافه حربَ الإبادة الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، حيث خلَّفت مجزرة يومٍ واحد مئاتِ الشهداءِ من أطفالٍ ونساءٍ وشيوخٍ ومدنيين، بما يؤكد مرة أخرى الطابع الإجرامي لهذا الكيان المارق الذي لا نية له في السلام، والذي لا يضعُ أيَّ اعتبارٍ لا للقانون الدولي ولا للقانون الدولي الإنساني ولا لأيِّ وازعٍ إنساني أو قيمي أو اتفاقي.
في نفس الوقت، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنَّ الدعم الأمريكي المطلق للكيان الصهيوني، إلى حدِّ التماهي، يُشَكِّلُ عنصراً حاسماً في تشجيع حكومة إسرائيل العنصرية والمتطرفة على الإمعان في سياسة التقتيل والتدمير والتجويع، وفي السعي نحو فرض التهجير القسري على الشعب الفلسطيني الصامد والمقاوِم.
وفي هذه الأوقات العصيبة، يوجِّهُ حزبُ التقدم والاشتراكية نداءً إلى كلِّ أحرار العالَم، وإلى كل مُناصري قضية فلسطين العادلة في وطننا، من أجل رفع وتوسيع أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته القاسية والمتواصلة، حتى نيل كافة حقوقه الوطنية المشروعة. كما ينادي الحزبُ جميعَ مكوناتِ المجتمع الدولي من أجل ممارسة ما يلزم من ضغوطاتٍ لفضح جرائم الاحتلال والمطالبة القوية بمحاسبته أمام المحاكم الدولية.
وعلى وجه التحديد، يُـــنادي حزبُ التقدم والاشتراكية كافة الفصائل الفلسطينية إلى وحدة الصف والعمل، بشكل فعلي وناجع. كما ينادي كافةَ البلدانِ العربية إلى الخروج من دائرة الاكتفاء بالتعبير عن المواقف والاقتراحات إلى دائرة الفعل الإيجابي، من خلال وقف كل أشكال التطبيع، والقيام بمبادرات مشتركة وقوية، تكفل ممارسة الضغط اللازم على الكيان الصهيوني، حتى يتخلى عن مخططاته الخبيثة الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وإلى اجتثاث الشعب الفلسطيني من أرضه، وذلك بأفق صُنع سلامٍ حقيقي، عادل ودائم بالمنطقة ينبني على أساس تمكين شعب فلسطين من كافة حقوقه الوطنية المشروعة.

حول الحياة الداخلية للحزب

أما فيما يتعلق بالحياة الداخلية، فقد تناول المكتبُ السياسي بالتقييم الخطوات المنجزة في إطار تنفيذ مخطط عمل الحزب برسم سنة 2025، والذي يتضمن محاور تتعلق بالإشعاع السياسي، وبالعمل في أوساط مجتمعية مختلفة، والتواصل، والتكوين، والتنظيم، وتوسيع الصفوف، والتحضير للاستحقاقات السياسية القادمة.
وفي سياق الأنشطة الرمضانية، نوَّهَ المكتبُ السياسي بنجاح مختلف اللقاءات التي تمَّ تنظيمها مؤخراً، ومنها اللقاءُ الذي نظمته مؤسسة علي يعتة حول استعمال الذكاء الاصطناعي في العمل السياسي؛ وورشة حول تركيب المشاريع التي نظمها فضاء الأطر بالرباط، فضلاً عن اللقاءات والمبادرات التي نظمتها فروع الحزب بسطات، والناظور، وتازة، وبني تدجيت، وسيدي البرنوصي، وتزنيت، والرباط، بما يجسد الوتيرة التصاعدية لعمل ونشاط الحزب.

 
حُرر في 19 مارس 2025.

Top