بقدر ما منح فوز الكبار بتنزانيا، نوعا من الاطمئنان، بقدر ما أهدانا تأهيل الأشبال لدور ثمن نهاية مونديال إندونيسيا، لحظات جميلة…
نتيجتان مهمتان ضمنتا استمرار المسار المتوازن لكرة القدم الوطنية، كما عززتا الحضور الوازن قاريا ودوليا، والحفاظ على إشعاع، جعل اسم المغرب مرادفا للتميز، والإبهار…
فقد كرس الكبار مكانتهم، بينما فتح الصغار بارقة أمل كبيرة، بعد تجاوز حاجز سدس عشر النهاية، والذي سبق أن شكل عقدة، خلال مونديال الإمارات سنة 2013، بعد إقصاء مر أمام كوت ديفوار.
انتصار أصدقاء العميد غانم سايس، كان مهما، وبهدفين لصفر بدار السلام، على حساب منتخب تنزاني، لم تنفعه شجاعة لاعبيه، لتفادي الهزيمة بالميدان، رغم لجوئه للتدخلات الخشنة، في أغلب فترات المواجهة…
ويدين “أسود الأطلس” في تحقيق هذه النتيجة الإيجابية، للنجم حكيم زياش، صاحب اليسرى الساحرة والحضور المؤثر؛ والشخصية القوية، حيث تأتى الانتصار الثمين، كنتيجة كانت ضرورية، سمحت بتقاسم زعامة المجموعة، خاصة وأن هزيمة زامبيا بمراكش، أمام منتخب النيجر، غيرت من معطيات الجولة الأولى، كما قوت الحظوظ في إمكانية العبور الآمن للدور القادم…
صحيح أن إمكانيات المنتخب التنزاني لا تقارن بما يتوفر عليه الفريق الوطني المغربي، كما أن ظروف السفر من المغرب إلى تنزانيا، كان لها تأثير على أغلب اللاعبين، إلا أن العناصر الوطنية عرفت كيف تحول تجربتها وخبرتها، إلى عوامل نجاح، بأقل مجهود وأقل تكلفة من الناحية البدنية، مع أن المستوى العام، النخبة الوطنية كان جد متوسط، لم يرق إلى مستوى انتظارات الجمهور الرياضي.
أما تفوق منتخب أقل من 17 سنة، على حساب منتخب إيراني، أثار الكثير من الشكوك، حول حقيقة أعمار لاعبيه، فمنح ثقة كبيرة في المستقبل، بفضل مجموعة من اللاعبين الموهوبين، قدموا درسا مثاليا في الاستماتة والصمود، والنفس الطويل، والتمسك بالأمل إلى آخر رمق…
وبالرغم من تسجيل الإيرانيين لهدف السبق ضد مجرى اللعب، وفي توقيت صعب، إلا أن أشبال الأطلس لم ينهاروا، ولم يفقدوا الأمل، بل واصلوا ضغطهم إلى أن تمكن البديل العزاوزي، من توقيع هدف التعادل في الوقت الإضافي…
كان الحسم عن طريق الضربات الترجيحية الفاصلة، والتي تألق فيها الحارس بلغوزيل، وأبان خلالها اللاعبون الذين أوكلت لهم مهمة التنفيذ، عن علو الكعب وعن حنكة واضحة، ودقة متناهية…
والأكيد أن المشوار سيتواصل بنفس التحدي، وكل الأمل في أن يعبر “وليدات سعيد شيبا” عقبة مالي بنجاح، وبعد ذلك يمكن مناقشة باقي المراحل، بكثير من الإصرار والرغبة القوية في كتابة التاريخ…
محمد الروحلي