كرمت دائرة الثقافة في الشارقة مؤخرا الناقدين والأستاذين الباحثين عبد الله الشيخ وعاطف سعد محمد الفائزين بالدورة الخامسة عشرة لجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي التي تنظمها إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة،. وجاءت الجائزة في دورتها الحالية تحت عنوان “العالم العربي في الاستشراق الفني، أبعاد حضارية جمالية”. حضر حفل التكريم سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، والأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، الأمين العام للجائزة، بالإضافة إلى الفائزين ولجنة التحكيم، وجمهور الفنانين والمهتمين بالشأن البحثي، وذلك في قاعة المؤتمرات بالدائرة.
في مستهل الحفل ألقى محمد إبراهيم القصير كلمة رحب في بدايتها بالحضور، وأشار إلى الرعاية المتواصلة من صاحب السمو حاكم الشارقة للجائزة، قائلاً: “يسعدنا أن نجتمعَ اليوم في هذا الحفل لتكريم الفائزين في الدورة الخامسة عشرة من جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي التي جاءت تحت عنوان “العالم العربي في الاستشراق الفني.. أبعاد حضارية جمالية”. وحظيت الجائزة منذ انطلاقها في العام 2008، برعاية متواصلة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، حفظه الله، وهي رعاية أوجدت مكانة مميزة للجائزة باعتبارها رائدة في المجال النقدي التشكيلي العربي، وعلى مدى أكثر من 15 عاماً، عززت حضور المفهوم البصري الجمالي من جهة، ودعم النقاد العرب من جهة أخرى .وقال القصير موضحاً: “تتعدد أهداف جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي، لتأخذنا إلى محطات تاريخية مهمة في الشأن البحثي المتعلق بالفنون الجمالية، وهي أهداف ساهمت في إبراز الجائزة على المستوى العربي نظراً إلى انفرادها في هذا المجال الحيوي”.
وأضاف مدير إدارة الشؤون الثقافية أن الجائزة قدمت على مدى دوراتها المتتالية أكثر من 50 فائزاً وفائزة إلى الساحة النقدية من مختلف الدول العربية، مثل: العراق، ومصر، وتونس، والمغرب، وغيرها من الدول، ليثري نتاجهم النقدي المكتبة العربية.. ولفت أن “الجائزة في هذا الإطار البحثي والتاريخي إنما تؤسس لوعي نقدي جديد على مستوى الفنون التسكيلية، وهي إحدى أهداف الجائزة التي لطالما سعت إليها من خلال العناوين المتنوعة التي تطرحها مع كل دورة جديدة”.
وثمن الأمين العام للجائزة جهود لجنة التحكيم، قائلاً: “في كل دورة تجتمع الجهود التحضيرية والتحكيمية لتشكل معا صورة متكاملة تعكس أهمية الجائزة، ومن تلك الجهود لا بد أن نشير إلى الدور الحيوي والبارز الذي تمثله لجان التحكيم الاختصاصية في تحضير نتائج الجائزة على مدى دوراتها المتتالية”.
وتابع: “أما لجنة تحكيم الجائزة في دورتها الحالية، والمكونة من الدكتور عبد النبي اصطيف من سوريا، والدكتور سلام جبار من العراق، والدكتور شربل داغر من لبنان؛ فقد قدمت كامل جهدها التحكيمي من خلال تدقيق ومراجعة جميع البحوث النقدية المشاركة في هذه الدورة، لتنتهي مداولاتها إلى تصفيات أولية وثانوية ونهائية، وصولاً إلى الفائزين”.. وقال القصير مهنئاً الفائزين: “تكشف لنا الجائزة في كل دورة عن أسماء نقدية جديدة، تضيف بعداً جمالياً إلى الفن التشكيلي، وفي هذه الدورة يسعدنا أن نعلن عن فوز: عبد الله الشيخ من المغرب في المركز الأول، عن بحثه “العالم العربي في الاستشراق الفني أبعاد حضارية وجمالية”، وعاطف سعد من مصر في المركز الثاني، عن بحثه “الرؤية الجمالية والتشكيلية عند الفنانين المستشرقين لمناظر الفروسية في مصر خلال القرن 13هـ / 19م”، ويسعدنا أن نهنئ الفائِزيْن في الدورة الحالية من جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي”..
وفي كلمة لجنة التحكيم، أكد الدكتور سلام جبار أن الجائزة وعلى مدى أكثر من 15 عاماً حققت بالفعل نقلة نوعية في المجال البحثي النقدي التشكيلي، بالنظر إلى النتاج النوعي الذي تطرحه الدراسات والبحوث الفائزة في العديد من العناوين، موضحاً “ولئن حجزت الجائزة مكانة عربية مرموقة، فإن ذلك يأتي بفضل رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة للثقافة، وهي رعاية تنير دروب الثقافة والمعرفة والإبداع عبر الوطن العربي”.. وأشار جبار إلى أن حسم نتائج الجائزة واختيار ترتيب الفائزين، جاءت انطلاقاً من معايير ارتكزت عليها لجنة التحكيم وذلك على مستوى اللغة العلمية وجدة البحث وحيوية الطرح والمقاربة، مع الانتباه إلى مستوى الملاءمة في اللغة وانسجامها مع خصوصية الفن التشكيلي، كما هنأ الدكتور سلام جبار الفائِزَيْن بالجائزة متمنياً لهما المزيد من النجاح في هذا المجال الإبداعي. وألقى عبد الله الشيخ من المغرب كلمة باسم الفائِزَيْن، قائلاً فيها: “في هذا المقام التتويجي، يطيب لي أن أتقدم بالشكر الجزيل لحضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم إمارة الشارقة، على رعاية سموّه الوافرة والدؤوبة لمسالك البحث النقدي في المجال الإبداعي التشكيلي بكل تشعباته واتجاهاته، قصد تعزيز دوره كركيزة أساسية للوعي البصري والحس الجمالي، وهو المكسب الكبير الذي تحقق بالفعل مع توالي الدورات بشكل رصين ومتواتر.”.. وأضاف: “هنيئا لنا جميعا بهذه المكتسبات المعرفية على المستوى النقدي التي من شأنها أن تثري رصيد المكتبة العربية، وأن تلبي رؤية المهتمين بعوالم الفنون التشكيلية، والمهتمين بقضاياها المعرفية والجمالية في الآن ذاته”. وفي ختام الحفل، كرم عبد الله العويس ومحمد القصير، الفائزين بالجائزة، ولجنة التحكيم بشهادات ودروع تذكارية.
***
كلمة الدكتور عبد الله الشيخ باسم الفائزين المتوجين
الجائزة حققت رهان الارتقاء بالخطاب النقدي والاستجابة لانتظاراته المعاصرة والمستقبلية
أيها الحضور الكريم، يشرفني أيما تشريف باسم المتوجين خلال هذه الدورة المخصصة لمبحث “العالم العربي في الاستشراق الفني: أبعاد حضارية جمالية”، أن أؤكد لكم بكل انشراح عمق تفاعلي مع جائزة الشارقة النموذجية في العالم العربي التي تثمن البحث النقدي التشكيلي بوصفه مجالا معرفيا لا محيد عنه لمقاربة مدارات الإبداع الفني عموما، والبصري خصوصا، سواء من الناحية الأسلوبية أو الموضوعاتية. كما يسعدني أيما سعادة أن أعرب لكم عن تقديري واعتباري لزميلي الأستاذ الباحث عاطف سعد من مصر الشقيقة الذي احتل المركز الثاني عن بحثه “الرؤية الجمالية والتشكيلية عند الفنانين المستشرقين لمناظر الفروسية في مصر خلال القرن 13هـ / 19م. “
بإجماع النقاد والباحثين في العالم العربي، حققت جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي رهان الارتقاء بالخطاب النقدي والاستجابة لانتظاراته المعاصرة والمستقبلية. إنها نعم الإطار التحفيزي للكتاب والنقاد والباحثين الأكاديميين والجماليين الذين كرسوا حياتهم العلمية لمواكبة مستجدات الفنون التشكيلية والبصرية ورصد قيمها النوعية المضافة، بكل تفان ومثابرة ونكران الذات. فقد كانت ولازالت أرضية تأسيسية لصرح تواصلي ووسائطي بين المنشغلين بأسئلة النقد الفني المعاصر وكافة المتلقين الفعليين أو المفترضين.
في هذا المقام التتويجي، يطيب لي أيضا أن أتقدم بالشكر الجزيل لحضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم إمارة الشارقة، على رعايته الوافرة والدؤوبة لمسالك البحث النقدي في المجال الإبداعي التشكيلي بكل تشعباته واتجاهاته، قصد تعزيز دوره كلبِنة من لبنات الوعي البصري والحس الجمالي، وهو المكسب الكبير الذي تحقق بالقوة وبالفعل مع توالي الدورات بشكل رصين ومتواتر. وأغتنم هذه المناسبة الميمونة والمباركة لكي أشكر سعادة عبد الله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة ورئيس الجائزة على مجهوداته المتواصلة والفعالة من أجل إقرار ثقافة بصرية تنويرية وتوعوية شكلا ومضمونا ورؤية، دون أن أنسى طبعا الموقع الاعتباري للأستاذ محمد إبراهيم القصير، الأمين العام للجائزة، مدير إدارة الشؤون الثقافية.
شكري موصول أيضا إلى الأستاذة الفاضلة فرح قاسم محمد، مسؤولة الجائزة على كل ما تبذله من مجهود جهيد لتأمين وتيسير شروط المواكبة الحثيثة والتتبع المؤسساتي المتبصر وفق ما تمليه مقتضيات التواصل التفاعلي النبيل، بالإضافة إلى أعضاء أمانة الجائزة، السادة الأفاضل: محمد النوري، د. عمر عبد العزيز، محمد أبو لوز، إسلام أبو شكير.
اسمحوا لي أن أفصح عن شكري وامتناني للجنة العلمية التي أشرفت على تحكيم هذه الدورة بكل ما يستلزمه الأمر من تمحيص وتدقيق ونزاهة وموضوعية، وأخص بالذكر: د. عبد النبي اصطيف (سوريا)، ود. سلام جبار (العراق)، و د. شربل داغر (لبنان). فهم بمثابة آبائنا الرمزيين والمرجعيين الذين ساهموا في الارتقاء بوعينا المعرفي، وتربية ذوقنا الجمالي.
هنيئا لنا جميعا بهذه المكتسبات المعرفية على المستوى النقدي التي من شأنها أن تثري رصيد المكتبة العربية، وأن تلبي شغف المهتمين بعوالم الفنون التشكيلية، والمهووسين بقضاياها المعرفية والجمالية في الآن ذاته. يا له من أفق ثقافي واقعي ومثالي معا يترجم بجلاء الدينامية الثقافية التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ومن خلالها وعبرها كل الأوساط الدولية العربية، فلا تنمية مجتمعية مستدامة ومندمجة بدون ممارسة ثقافية إجرائية تقوم على التنوع والتعدد والانفتاح أفقيا وعموديا. كما أن لا حركة نقدية وظيفية وموازية بدون رعاية وتحفيز وتثمين. لعمري إن هذا هو الميثاق المبدئي الذي حرصت جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي على تفعيله وعيا وممارسة، تمثلا لرؤية حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي التي تشيد بأهمية البحث النقدي في مجالات الفنون التشكيلية وتتطلع إلى تعزيز دوره كجانب إبداعي في تطوير الوعي بالفنون باختلاف ممارساتها وأجناسها.
هنيئا لنا مجددا بهذه الجائزة الرائدة التي تعلمنا من خلال دوراتها الاستثنائية أن الفائز الحقيقي هو البحث النقدي التشكيلي في العالم العربي بكل فاعليه تنظيرا وممارسة.
***
كلمة الدكتور سلام جبار باسم لجنة التحكيم
27 بحثا نقديا جماليا مكرسا لعنوان الاستشراق الفني تنافسوا على الجائزة
حضرنا يوم الأربعاء 11 دجنبر 2024 احتفالية توزيع جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي الدورة 15 وهذه الفعالية المميزة والمتفردة في الوسط الثقافي التشكيلي العربي تتم في ضوء رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم إمارة الشارقة، في أهمية البحث النقدي في مجالات الفنون التشكيلية وتعزيز دوره كجانب إبداعي في تطوير الوعي بالفنون والتي أقامتها إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في حكومة الشارقة عن المسابقة الخامسة عشرة من جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي التي جاءت تحت عنوان “العالم العربي في الاستشراق الفني: أبعاد حضارية جمالية”؛ وقد تشكلت لجنة التحكيم فيها من الدكتور شربل داغر والدكتور عبد النبي اسطيف والدكتور سلام جبار.
بعد مراجعة مستفيضة للأبحاث المقدمة التي كانت تتنافس وبشدة لتقديم رؤى ذاتية ولغة بحثية تستحق التميز، فقد تقدم للمسابقة سبع وعشرون بحثا نقديا جماليا مكرسا لعنوان الاستشراق الفني – وكانت فرشة واسعة واحترافية وتنوع في الزوايا التي أطل منها الباحثون في ثنايا مؤسسات الاستشراق ومخرجاته وتكويناته بنيويا والتأثيث البصري الذي اعتمد كمادة موضوعية في صناعة ظاهرة الاستشراق ومدى تأثر الفنانين المستشرقين بالبيئة العربية المحلية وانعكاس ذلك في تخمة من الأسماء الريادية العالمية التي أثثت تجاربها الحديثة من معطيات الشرق وألوانه وأضوائه وتعالقاته السوسيو ثقافية .
بعد فحص وتمحيص وحوار تنقيبي فكك معطيات البحوث واعتمد المسافة الفاصلة بين العنوان والأهداف لكل بحث، وتبيان رؤية الباحث الذاتية وتبلور لغته النقدية وكم ونوع الاستدلال المعتمد وعدم تأثيره في إبداعية الإنجاز؛ فقد فرزت اللجنة الأبحاث في ثلاث دورات تصويت أسفرت عن نتائج رأتها اللجنة تحقق الهدف المرجو من الفعالية – فقد فاز بالجائزة الأولى الباحث والناقد المغربي الدكتور عبد الله الشيخ عن بحثه الموسوم بـ “العالم العربي في الاستشراق الفني أبعاد حضارية وجمالية”، فيما فاز بالجائزة الثانية الباحث المصري الدكتور عاطف سعد محمود عن بحثه الموسوم بـ “الرؤية الجمالية والتشكيلية عند الفنانين المستشرقين لمناظر الفروسية في مصر خلال القرن 13هـ – 19 م”.
وقد رافق ختام الفعالية منظومة تقاليد احترافية تحسب لإمارة الشارقة ولدائرة الثقافة ودائرة الشؤون الثقافية والقائمين عليها – تمثلت في تقاليد الاستقبال والضيافة وتنظيم الفعالية بكل تفاصيلها وصولا للختام ومغادرة الضيوف فضلا عن إصدار الأبحاث الفائزة في مطبوعات بأعلى المواصفات التقنية بما يسهم في تقديم كارزمات نقدية عربية للساحة التشكيلية الأمر الذي يستحق الفخر والاعتزاز والتحية.
< إعداد: إبراهيم الحيسن