يواصل الكاتب والمخرج المسرحي عبد الواحد عوزري التأريخ للمسرح المغربي عبر إصداره الأخير باللغة الفرنسية questions de théâtre” الذي وقعه الجمعة الماضي بمسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط.
ويطرح عوزري في كتابه “قضايا المسرح questions de théâtre” مجموعة من المقالات والشهادات التي تبرز مراحل مفصلية في المسرح المغربي والتجارب المسرحية التي أثثت المشهد الفني المغربي وأعطت للخشبة لمسة وإضافة نوعية.
ثريا جبران: الاحتفاء بـ “عوزري”.. احتفاء بالمسرح وبجميع المؤلفين المسرحيين
في هذا السياق، قالت المسرحية ثريا جبران وزير الثقافة السابقة إن المسرح شكل لها وللكاتب المسرحي عبد الواحد عوزري الحياة ومكنها من التعرف على مجموعة من الكتاب الذين يكتبون تاريخ شعوبهم وتاريخ آمالهم وأحلامهم وثقافتهم، والإنجازات الثقافية والسياسية، مبرزة أن للكتاب والتأريخ دور مهم لاستكمال المسيرة.
وعادت ثريا جبران للحديث عن علاقتها بعوزري كزوج وكرفيق درب وكفنان ومؤلف مسرحي، مشيرة إلى أن الاحتفاء به، احتفاء بالمسرح واحتفاء بجميع المؤلفين المسرحيين، معتبرة أن التأليف تظل بصمته خالدة في تاريخ المسرح وفي تاريخ الثقافة.
وشددت وزيرة الثقافة السابقة أن المؤلفين هم من يقومون بالتعريف بثقافة بلدانهم ويؤرخون للتجارب، فيما يعمل الفنانون والمسرحيون على حفظ نصوصهم والعمل على تقديمها أمام الجمهور، مشددة على أهمية هذا التكامل.
ونوهت جبران بالكتاب الجديد “questions de théâtre”، الذي أشارت إلى أنه استمرارية لعمل مهم في المسرح المغربي وهو التأريخ الذي سيمكن من مواصلة حمل المشعل وتطوير المسرح من قبل الأجيال المقبلة.
الحسين الشعبي: الكتاب الجديد يكشف انشغال عوزري بالتأريخ للحركة المسرحية في المغرب دون إغراق في جدل التنظير
من جهته قدم الكاتب المسرحي والناقد الحسين الشعبي قراءة في كتاب عبد الواحد عوزري “قريبا من الخشبات.. بعيدا عنها” الذي يتوزع بين مقالات وشهادات تكرس هاجس التأريخ لحياة ومنعطفات أب الفنون بالمغرب، مشيرا إلى أن كتابه “questions de théâtre”، لا يختلف كثيرا عن كتابه السابق، مع اختلاف اللغة وبعض النصوص، إذ أبرز في هذا الإطار أن الكاتب اختار الانحياز إلى التأريخ المسرحي باللغتين العربية والفرنسية.
وأضاف الشعبي في ذات اللقاء الذي سيره الباحث والكاتب المسرحي عبد الإله بنهدار أن ، الكتاب الجديد لعوزري والذي يضم ترجمات لأهم مضامين الكتاب الصادر له بالعربية تحت عنوان “قريبا من الخشبات، بعيدا عنها” قبل سنتين، يكشف انشغال عوزري بالتأريخ للحركة المسرحية في المغرب دون إغراق في جدل التنظير.
وأوضح الكاتب المسرحي والصحفي الشعبي أن عوزري عرف في وضعه المهني كمخرج وليس كمؤلف، إذ كتب مسرحيتين فقط وهما “نركبو الهبال”، و”السويرتي مولانا”، بينما أخرج العديد من المسرحيات، معرجا على تجربة عوزري في مسرح اليوم إلى جانب الفنانة ثريا جبران، معتبرا أن تجربة مسرح اليوم أعطت دفعة للمسرح المغربي وللفرجة المسرحية.
وفي معرض حديثه، عن كتابات عوزري، وكتابه الأخير “قضايا مسرحية” وقبله كتاب “قريبا من الخشبات.. بعيدا عنها”، أبرز الشعبي أن الميزة الأساسية في اختيارات هذا الكاتب المسرحي هي الاشتغال على النصوص المغربية بالإضافة إلى الاشتغال على مضامين إنسانية من قبيل الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، المرأة، الراهن السياسي الوطني والعربي، الحرية، وكثير من القيم التي قال الشعبي إنها تنتصر للإنسانية .
وإلى جانب ذلك، قدم الشعبي قراءة في تبويب الكتاب وقرب الحاضرين من الفنانين والمثقفين والمسرحيين المغاربة من تبويب كتاب “قريبا من الخشبات.. بعيدا عنها”، والتي حددها في عتبتين الأولى هي استهلال الفنانة ثريا جبران بعنوان “أفقنا المشترك”، والعتبة الثانية وهي افتتاحية المؤلف بعنوان “أما قبل” والتي اعتبرها المتحدث “مقدمة حقيقية” تمزج بين التعريف بمحتوى ومكونات الكتاب، وبين الأسئلة والهواجس التي شغلت بال المؤلف قبل الكتابة.
كما تعمق الشعبي في قراءة الكتاب، إذ حدد محتواه في 5 أبواب، قدمها كما جاءت في الكتاب، وهي أولا “قضايا” والذي يشمل أربعة مقالات، والباب الثاني تحت عنوان “قراءات”، والذي يشمل بدوره أربعة مقالات من ضمنها مقالة “الشيطان هو الضجر” (قراءة في كتاب المخرج الإنجليزي بيتر برروك)، ثم الباب الثالث “شهادات”، ويشمل خمسة مقالات والتي تحدث فيها الكاتب عن تجربة “ناس الغيوان” وأخرى حول “متفرج اسمه فرنسوا ميتران”، بالإضافة إلى مواضيع أخرى، فيما الباب الرابع تحت عنوان “مسارات”، ويشمل 15 مقالا يعرف بسائر العروض المسرحية التي أنتجتها فرقة مسرح اليوم وأخرجها عبد الواحد عوزري وأدارتها ولعبت فيها ثريا جبران، بالإضافة إلى الباب الخامس والأخير من الكتاب المعنون تحت “حوار”، ويشمل حوارا مطولا بين المخرج عبد الواحد عوزري وبين الكاتب والناقد المسرحي محمد بهجاجي، وقال الشعبي في هذا الصدد “إن هذا الحوار أكبر من مجرد حوار عادي، بل حوار بين مثقفين ومفكرين”، معتبرا أنه حوار ثقافي بين علمين مسرحيين عارفين بالواقع المسرحي وأبعاده.
إلى ذلك، يشار أن اللقاء حضره جمع من المسرحيين والمثقفين والفنانين المغاربة، حيث يعتبر الكتاب الذي وقعه عوزري “قضايا مسرحية” هو خامس كتاب لعوزري بعد كتاب “المسرح في المغرب، بنيات واتجاهات” (1988) وهو ترجمة لكتاب صدر بالفرنسية بنفس العنوان عام 1987، و”تجربة المسرح” (2014) ثم “قريبا من الخشبات، بعيدا منها” (2017).