أعلنت السلطات عن تخفيف واسع بمعظم جهات المملكة لتدابير الحجر الصحي، واستثنت فقط أربعة أقاليم من ذلك، وبذلك عانق شعبنا الخروج إلى الشارع وحرية الحركة والتنقل.
من المؤكد أن الخروج ورفع قيود الحجر كانا ضروريين ومنتظرين لعديد أسباب، ومنها أن الجميع أحس بتعب البقاء في المنزل وثقل الحجر وضغوطه، وأيضا الحاجة إلى الخروج للبحث عن الرزق واستئناف العمل وباقي أنشطة الحياة.
ولكن، من المؤكد كذلك أن هذا الخروج من حالة الحجر الصحي، وخصوصا في غياب اللقاح اللازم للوباء، يضع مسؤولية كبيرة على كل واحد وواحدة منا لحماية صحتنا وأنفسنا وأسرنا أولا، ولحفظ الصحة العامة في بلادنا واستقرار مجتمعنا، وتفادي أي انتكاسة وبائية ومجتمعية لا قدر الله.
يعرف الجميع أن رجات مهولة أصابت الاقتصاد والسياسة والأفكار والقناعات ومستويات العيش جراء هذه الجائحة، ومن ثم العالم برمته سيواجه أزمات ومصاعب، وبالتالي لن تكون أوضاع البشرية في كل الدنيا، وضمنها بلادنا، كما كان عليه الحال قبل تفشي الفيروس، وكذلك الحياة والعلاقات بين الناس، وبين الدول، ستشهد تبدلات جوهرية.
بعض السلوكات الوقائية والاحترازية لا بد أن نحرص كلنا على استمرارها، حتى بعد رفع قيود الحجر الصحي، ومنها تفادي الاحتكاك والاختلاط المبالغ فيه بين الناس، والتقيد بالتباعد الجسدي، خصوصا في الشارع والفضاءات المزدحمة.
ويعني هذا أن بعض عاداتنا الاجتماعية سنبدأ تدريجيا في التعود على تفاديها، مثل المصافحات والعناق المبالغ فيهما، وأيضا التجمعات الكبيرة غير الضرورية.
وهناك كذلك ارتداء الكمامات الواقية الذي يجب أن يدمج في سلوكنا اليومي ونتعود عليه، خصوصا في الشارع والأماكن العامة أو المزدحمة، وفي وسائل النقل ومقرات العمل والأسواق وغيرها.
ثم هناك النظافة المنتظمة، والحرص على غسل اليدين بالماء والصابون بشكل مستمر طيلة اليوم، وبالتالي الاهتمام أكثر بنظافة الجسد، ونظافة الأماكن، ونظافة الطعام، والتعود على سلوك وقائي واحتياطات صحية تكون بمثابة عادات أو مقومات نمط حياة وعيش.
إن هذه التدابير الاحترازية الفردية والسلوكية يجب أن نتعود عليها من الآن، في إطار التعايش مع المخاطر والتهديدات المحتملة للأوبئة والأمراض وغضب الطبيعة.
إذا كنا نود جميعا الاستمتاع بالحياة، والتخلص من كل قيود الحركة، والخروج إلى الشارع، يجب أن نقتنع كلنا بالتدابير الوقائية أعلاه، ونلتزم بها، وندمجها ضمن سلوكنا اليومي الفردي والجماعي.
من جهة ثانية، لقد أبرزت لنا هذه “التجربة” القاسية، أهمية فرض تدابير وإجراءات النظافة والسلامة الصحية في عدد من الميادين والفضاءات التي يلجها الناس: (مقاهي، مطاعم، مراكز ثقافية وترفيهية، مؤسسات تعليمية، مساجد، حمامات، قاعات الحلاقة، مؤسسات صحية، مراكز تجارية، وسائل النقل العمومي…)، وأيضا تمتين قطاعات وبرامج وعمل الجماعات المحلية في النظافة وجمع النفايات، وفي التطهير، وفي تمكين كل الناس من الماء الصالح للشرب وتجهيزات الصرف الصحي، وهذه كلها يمكن أن تساعد في إشعاع النظافة وسط شعبنا، والحرص على السلامة الصحية للمواد الغذائية، مع ضرورة الاهتمام بالاختلالات البيئية الواضحة، والسعي بجدية لتحسين جودة الهواء، والحد من التلوث، وبشكل عام تطوير مستوى وجودة العيش.
في غياب لقاح فعال لمواجهة “كوفيد – 19″، تبقى الوقاية، والتقيد بالتدابير الاحترازية، الوسيلة الرئيسية للتصدي، وهنا توجد، فضلا عن مسؤولية الدولة والسلطات والجماعات المحلية والمقاولات، مسؤولية المواطنات والمواطنين كذلك.
محتات الرقاص