قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن تحقيق التغيير والإصلاح يبدأ بالتخلي عن خطاب الرفض وتوجيه اللوم إلى الوضع العام، والانخراط في مسلسل التغيير المنشود عبر التسجيل في اللوائح الانتخابية والإقبال على صناديق الاقتراع لإفراز قوى سياسية قوية، وممثلين عن الشعب بالمجالس المنتخبة قادرين على حمل هموم المواطنات والمواطنين والدفاع عن القضايا الأساسية التي تهمهم.
وأضاف بنعبد الله الذي كان يتحدث، الخميس الماضي، في لقاء نظمته جمعية تقدم القادة حول “التوجهات الإستراتيجية لبلادنا خلال السنوات الخمس المقبلة: رؤية حزب التقدم والاشتراكية”، أن البناء الديمقراطي يحتاج انخراط جميع القوى المجتمعية، وعلى رأسها الشباب، وملء الأحزاب السياسية، وممارسة الحق في التصويت من أجل الاختيار وإفراز ممثلين بمجلس النواب والمجالس الجهوية والإقليمية والمحلية، فضلا عن ملء الساحة السياسية من خلال الترشح أيضا باسم الأحزاب الوطنية في الاستحقاقات المقبلة وتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام.
وشدد بنعبد الله، في هذا اللقاء الذي حضره عب الأحد الفاسي، وعبد الرحيم بنصر،عضوي المكتب السياسي، وهناء غرنيط وابتسام الناجي عن لجنة البرنامج الانتخابي لحزب التقدم والاشتراكية، على أن هذا المدخل يبقى هو الحل الأساسي والناجع لأي إصلاح ديمقراطي ومجتمعي، معتبرا أن السير في هذا الاتجاه سيقطع الطريق أمام تجار الانتخابات والمفسدين وعدد من الذين يراهنون على العزوف لتحقيق مآربهم والوصول إلى المجالس المنتخبة عبر استعمال المال وأساليب أخرى مرفوضة.
في هذا الإطار، أوضح زعيم حزب “الكتاب” أن هناك ثلاث أنواع من المصوتين في المغرب، الأول هو بمثابة “خزان” انتخابي لحزب معين، يظهر كل استحقاقات للتصويت على نفس الحزب، ثم النوع الثاني الذي يصوت مقابل المال أو لارتباطه القبلي بالمرشح، أو لأغراض ومصالح خاصة، بالإضافة إلى النوع الثالث الذي يصوت “سياسيا” أي عن نوعي وقناعة وهو النوع الذي تأسف بنعبد الله لكونه لا يشارك في الانتخابات وبعضه غير مسجل في اللوائح الانتخابية، مما يسمح للنوعين الأولين بالسيطرة خلال كل استحقاقات وتستمر بذلك الأمور على ما هي عليه.
وزاد بنعبد الله أن الأحزاب الوطنية، بما فيها حزب التقدم والاشتراكية، كانت دائما تراهن على النوع الثالث الذي صوت سياسيا ويختار الأطر ويعي الفروق بين كل المرشحين، الأمر الذي يجعل غياب هذا النوع يؤدي إلى تراجع هذه الأحزاب، مقابل صعود أخرى تعتمد على مجموعة من الممارسات المعروفة خلال الانتخابات.
وسجل بنعبد الله أن من ضمن هذه الفئات، الشباب ومجموعة من الفاعلين في مختلف القطاعات بما فيها المقاولات ومديري مجموعة من المؤسسات والشركات الاقتصادية الخاصة، ممن يحملون في دواخلهم وعي سياسي، داعيا إلى القطع مع هذا الفراغ الذي يضعف الساحة السياسية والمجالس المنتخبة والإقبال بقوة على المشاركة السياسية كشرط أساسي لتحقيق التنمية والإصلاح والإقلاع الاقتصادي ومواصلة البناء الديمقراطي.
من جهة أخرى، أكد الأمين العام أن رؤية حزب التقدم والاشتراكية للتوجهات الكبرى والإستراتيجية لبلادنا خلال الخمس سنوات المقبلة، تنبني على ضرورة النهوض بالثقافة كمدخل أول قادر على خلق دينامية اقتصادية وصناعية مهمة، لما لها من دور أساسي في تكوين المجتمع وفتح الآفاق، ولما لها من أثر إيجاب على باقي القطاعات، وذلك إلى جانب المساواة بين الرجل والمرأة، والذي اعتبره حق وشرط أساسي لأي إصلاح وإقلاع اقتصادي، مشيرا إلى أن تقرير النموذج التنموي الجديد تضمن بدوره هذه الرؤية، وألح على مسألة المساواة.
وعلى المستوى الاقتصادي، يرى بنعبد الله أن هناك حاجة ملحة إلى قطاع صناعي وطني قوي وحقيقي، باعتباره الركيزة الأساس لأي إقلاع مراد للاقتصاد المغربي، حيث شدد على دور الدولة المحوري في هذا الجانب، والذي ثبتت نجاعته من خلال مجموعة من التجارب المقارنة، كما حدث في مجموعة من الدول الإفريقية والأسيوية التي استطاعت تحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي، والتي كانت اقتصادياتها إلى حدود الأمس القريب في نفس مستوى الاقتصاد الوطني.
في ذات السياق، قال الأمين العام للحزب، إن النموذج الاقتصادي المغربي بحاجة إلى جملة من الإصلاحات، إن على المستوى المالي أو الجبائي أو غير ذلك، وفي مقدمة هذه الإصلاحات التي يراها حزب التقدم والاشتراكية لها أولوية “التخفيض من الضريبة على القيمة المضافة وعلى الأغذية والأدوية. مقابل النهوض أيضا بالحماية الاجتماعية لفائدة المواطنات والمواطنين، وذلك فيما يتعلق بالشق الاجتماعي.
ونبه بنعبد الله إلى أن 3،8 مليون أجير في المغرب فقط هم المسجلون بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من أصل 20 مليون فرد من الساكنة النشيطة، داعيا إلى السير نحو تعميم هذه الحماية وجعلها شاملة، تماشيا والتوجهات الملكية الدعية إلى ذلك في هذا الصدد.
كما، شدد على وجوب النهوض بالقطاعات الاجتماعية ذات الأولوية، حيث دعا بنعبد الله، إلى الرفع من قيمة الميزانية الموجهة لوزارة الصحة والتي أكد على ضرورة رفعها إلى أزيد من 12 من الميزانية العامة، مع ضرورة تعزيز القطاع بالموارد البشرية الضرورية وتطوير أداء المنظمة الصحية من خلال تعزيز الوقاية والسهر، مسبقا، على ضمان صحة الأم والطفل، الصحة المدرسية، وكذا توفير شروط السلامة في العمل، والمراقبة الصحية للمنتجات الفلاحية وغير ذلك.
إضافة إلى ما سبق، دعا الأمين العام للتقدم والاشتراكية للنهوض بالمدرسة العمومية باعتبارها قاطرة إصلاح المنظومة كلها، مشددا على حتمية العناية بالموارد البشرية التربوية، لكون “انخراطهم هو الضامن لتقدم واستمرارية” أي إصلاحات للنظام التعليمي، فضلا عن شق الإصلاحات السياسية والحقوقية، التي دعا المتحدث إلى خلق نفس ديمقراطي جديد بها، كما ينادي الحزب خلال السنوات الأخيرة، حيث اعتبر أن من أهم مداخل الإصلاح خلق مصالحة وطنية وضخ نفس جديد وتعزيز الحقل الحقوقي، وحل مجموعة من الملفات العالقة.
< محمد توفيق أمزيان
> تصوير: مكاو عقيل