“أمنستي” المغرب تدعو إلى إلغاء تجريم الإجهاض

دعت منظمة العفو الدولية “أمنيستي”فرع المغرب إلى إلغاء تجريم الإجهاض وجعله ضمن سلطة وزارة الصحة على اعتبار أن الأمر يتعلق بمسألة طبية وليست قانونية، كما دعت في هذا الصدد السلطات المغربي إلى اتخاذ مبادرة إلغاء المقتضيات التي يتضمنها القانون الجنائي والتي تجرم الوقف الإرادي للحمل و ترفع سيف المتابعة القضائية و العقوبة بالسجن في حق النساء اللاتي يجهضن حملهن أو يحاولن الإجهاض بل ويعاقب حتى الأطباء الذين يسهلون أو يجرون عملية الإجهاض.
جاءت هذه الدعوة خلال ندوة صحفية نظمتها منظمة العفو الدولية فرع المغرب صباح أول أمس الثلاثاء بأحد فنادق العاصمة الرباط، خصصت لتقديم نص تقرير لبحث أنجزته المنظمة تحت عنوان” حياتي تدمرت:ضرورة وقف تجريم الإجهاض في المغرب”،على غرار كثير من الدول التي أقدمت على هذا الإجراء انتصارا للحقوق الإنسانية للنساء ورفع المعاناة عن النساء والفتيات اللواتي يكن حملهن ناتج عن اغتصاب.
كما خصصت الندوة للإعلان عن إطلاق حملة دولية تمتد على مدى ثلاث سنوات وتحديدا من هذه السنة 2024 وإلى غاية 2027، لمطالبة الدول ومن ضمنها المغرب بضمان أن يكون للمرأة الحرية في خياراتها الجنسية والإنجابية، ووقف تجريم الإجهاض، خاصة وأنه في غالبية الحالات من النساء والفتيات يلجأن إلى الإجهاض لوقف حمل يكون نتاج اغتصاب أو حمل غير مرغوب فيه نتيجة ظروف اقتصادية أو اجتماعية.
وسجلت المنظمة أنه في البحث الذي أجرته حول الإجهاض في المغرب ، وجود خطر كبير ومتعاظم يتربص بالنساء والفتيات في حال محاولتهن بالتمتع بالخيارات الشخصية حسب رغباتهن، على رأسها التهديد الذي تتضمنه مواد القانون الجنائي بالتعرض للسجن وكشفت المنظمة من خلال مضامين البحث السالف الذكر والذي هو محصلة مقابلات تم إجراؤها مع 77 شخصا من مختلف مناطق المغرب، بينهم 33 امرأة سعين إلى إجراء الإجهاض.
وكشفت المنظمة عن صمت الحكومة اتجاه موضوع تجريم الإجهاض والذي يدمر حياة الفتيات والنساء على حد سواء ، كحالات وجدن أنفسهن في حالة حمل نتيجة اغتصاب أو أنه يهدد حالتهم الصحية، وأفادت أمنيستي أنه بعد استيقاء مختلف التصريحات والاستماع لمجموع الحالات ضحايا تجريم الإجهاض، والمشار إليها راسلت رئيس الحكومة ووزير الصحة ووزير العدل ورئاسة النيابة العامة للحصول على تعليقاتها بخصوص ما استجمعه البحث لكن إلى حدود تاريخ نشر معطيات هذا البحث لم تتلقى المنظمة أي رد على التماسها سواء الخاص بطلب الاجتماع مع ممثلي الوزارات المعنية أو تعليق على النتائج التي تضمنها التقرير.
ووقف البحث على عدد من أوجه الخلل الذي يحيط بموضوع تجريم الإجهاض ومنعه، حيث باستثناء الحالات المحدودة التي ينص فيها القانون على إمكانية الإجهاص، فإن باقي الحالات من النساء والفتيات اللاتي يلجأن إلى إجراء عملية الإجهاض أو يحاولن القيام به ، يلجأن إلى وسائل الإجهاض غير الآمنة ويعرضهن ليصبحن موضوع مساومة من سماسرة الإجهاض السري والوسطاء .
كما أنه الأدهى من ذلك تكون تلك النساء أو الفتيات الحوامل في حالة تيهان نتيجة عدم توفر المعلومات بشكل مؤسساتي ورسمي عما يمكن القيام به بالنسبة لحالتهن، وعدم توفير وسائل منع الحمل حتى للنساء المتزوجات، بل يكون مصير اللواتي يلجأن لإجراء عملية الإجهاض كما سلف الملاحقة القضائية وعقوبة بالحبس تتراوح بين 6 أشهر إلى سنتين مع الغرامة، كما يعاقب المهنيين الطبيين الذي قد يقدمون على تسهيل أو يجرون عملية الإجهاض بالحرمان من مزاولة المهنة ، كما تفرض عليهم هذه المقتضيات تقديم شهادتهم في الحالات التي بلغت إلى علمهم وترغمهم على عدم حماية الأسرار المهنية المتعلقة بمرضاهم.
وقدمت في هذا الصدد، شهادة عن حالة مريضة بالقلب التي رغم وضعها الصحي المعقد رفض الطبيب إجراء عملية إجهاض لها، بسبب خوفه من المتابعة القضائية، وذلك رغم أن السيدة متزوجة والحمل ناتج عن علاقة شرعية ورغم شهادة لطبيب القلب الذي أعد تقريرا يفصل فيه حاجة المريضة للإجهاض لكن تم رفض إجراء العملية، وتشير المنظمة في هذا الصدد على أن هذا الأمر وغيره يرتبط بالأحكام البالغة التعقيد التي يتضمنها القانون وسيف العقاب الذي يتهدد ممارسي المهن الطبية.
وقال أحد الأطباء ، وفق ما جاء في فقرة من البحث الذي تم تقديمه، ” ماذا عسانا أن تفعل كأطباء؟ لا شيء، لا نستطيع مساعدة النساء أيدينا مكتوفة تشعر بالإحباط لأننا لا تستطيع أن تقدم للنساء المساعدة التي يردتها ليس هناك إطار تنظيمي يحمينا، نحن مراقبون”.
وأضافت المنظمة أن سيف العقاب يلاحق حتى النساء والفتيات اللواتي يكون حملهن نتج عن اغتصاب وهو ما يعني في إطار خارج الزواج، حيث تكون مساءلة ويكون مصيرهن السجن بل ويتعرض لعقاب أشد من عقاب الرجل قانونيا واجتماعيا، وأشارت أن الفتيات والنساء اللواتي يلدن خارج إطار الزواج رغم أنه ليس برغبتهن، يكن منبوذات داخل المجتمع وعرضة للتمييز .
ووجهت منظمة العفو الدولية فرع المغرب السلطات إلى تحمل مسؤوليتها في ضمان حماية النساء والفتيات من العنف بشتى أنواع ، والجنسي اساسا، وعدم تحميلهن تبعات اعتداءات جنسية يكن ضحاياها، والعمل على إرساء إطار تنظيمي بشأن تقديم خدمات الإجهاض الدوائي والجراحي القانوني على نحو يتوافق مع المبادئ التوجيهية بشأن الرعاية المتعلقة بالإجهاض الصادرة سنة 2022 عن منظمة الصحة العالمية، داعية في الوقت ذاته،
مختلف الفاعلين من داخل حقل المجتمع المدني، إلى تظافر الجهود للترافع على إقرار نظام قانوني يرفع التجريم عن الإجهاض ويجعل الإنجاب أو عدمه قرارا شخصيا تتخذه النساء ويدخل في صميم حريتهن.
كما رفعت أمنيستي ملتمسا لوزارة العدل ومجلس النواب من أجل القيام بإصلاح الأحكام المتعلق بالنسب ووثائق الهوية في مدونة الأسرة والقانون المتعلق بالحالة المدنية، بغية القضاء على كافة أشكال الإقصاء والتمييز ضد الأمهات العازبات، والأطفال المولودين خارج إطار الزواج، والقطع مع حالات اجتماعية يكون سببها التغاضي عن هذا الإصلاح.

 فنن العفاني
تصوير: رضوان موسى

Top