ككل سنة، يعود الجدل ليرافق عملية الدخول المدرسي، خصوصا مع الأسعار التي أضحت تؤرق بال المواطنات والمواطنين وتثقل كاهل الأسر المغربية في ظل الارتفاعات المتتالية وتنوع المناهج والكتب بين المدارس بشقيها العمومي والخصوصي.
وتثير مسألة حرية اعتماد المناهج والكتب المدرسية بين كل مؤسسة تعليمية مسألة التواطؤ من أجل خلق سوق لتداول الكتاب بدون استحضار لواقع الأسر المغربية التي تعيش في السنوات الأخيرة على وقع ارتفاعات متتالية في أسعار مختلف المواد الأساسية وارتفاع تكاليف الحياة.
كما يطرح اعتماد المدارس الخاصة لمناهج أجنبية مستوردة تساؤلات حول مدى مراقبة وزارة التربية الوطنية لهذه المناهج ومدى ملائمتها للتلاميذ المغاربة واستحضار قيم المجتمع، بالإضافة إلى ما يتعلق بأسعار هذه المقررات التي يصل بعضها إلى مستويات قياسية تضر بجيوب المواطنات والمواطنين.
في هذا السياق، وجهت النائبة البرلمانية نادية تهامي، عضو فريق التقدم والإشتراكية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حول توحيد المناهج والكتب المدرسية بين التعليمين العمومي والخصوصي.
واستندت تهامي في سؤالها الكتابي على تقرير مجلس المنافسة الذي صدر في شهر أكتوبر الماضي، والذي يهم سوق الكتاب المدرسي بالمغرب، حيث كان التقرير المذكور قد أوصى من بين ما أوصى به بتوحيد المنظومة البيداغوجية للكتاب المدرسي على الصعيد الوطني، وبوضع برنامج خاص يخول للقطاع العام امتلاك الحقوق الفكرية لهذا الكتاب، ومراعاة الخصوصيات الثقافية والمجتمعية للبلاد، ومراجعة الأدوار والمهام المنوطة بوزارة التربية الوطنية ذات الصلة بالكتاب المدرسي، فضلا عن جعل إنتاج الكتب المدرسية الموجهة للسلكين الابتدائي والثانوي أساسا من اختصاص الدولة باعتباره عملا يؤسس للسيادة الوطنية.
وبعد مرور حوالي سنة من صدور هذا التقرير، وجهت تهامي تساؤلا لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة حول ما قامت به الوزارة المعنية من أجل ترجمة توصيات هذا التقرير على أرض الواقع، لاسيما منها ما يتعلق بتوحيد المناهج والكتب المدرسية بين التعليمين العمومي والخصوصي.
وقالت تهامي إن هذا الموضوع يؤرق البال لكونه يعتبر مقدمة لإفراز نوع من الطبقية الفكرية في بلادنا مستقبلا بين فئة من التلاميذ تعتمد في تدريسها على كتب مؤلفة محليا، وفئة أخرى انفتحت منذ البداية على مؤلفات مدرسية منتجة في الخارج، وذلك “بغض النظر عما يستتبع ذلك من نقاش حول القيم التي تنقلها هذه الكتب للناشئة المغربية”، وفق تعبيرها.
وزادت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية “ومع استحضار تبعات واقع التخبط الذي يعيشه سوق الكتاب المدرسي على وحدة اللحمة الوطنية، فإننا نعتقد أن الضحية الأولى لهذه الوضعية هم أولياء التلاميذ الذين يكتوون، مع الأسف، بنار أسعار المناهج المعدة في الخارج، والتي يتم فرضها من قبل المؤسسات التعليمية الخصوصية، وهو ما يتم الإذعان له بدون مقاومة في ظل الطموح الطبيعي للآباء والأمهات في التألق الدراسي لأطفالهم”.
وجددت تهامي تساؤلها حول ما تعمل وزارة التربية الوطنية عليه من أجل توحيد المناهج والكتب المدرسية بين التعليمين العمومي والخصوصي، والقطع مع الوضعية الحالية التي تعرف تسويق تشكيلات مختلفة من الكتب خصوصا في مواد العربية والفرنسية والرياضيات ومختلف العلوم.
محمد توفيق أمزيان