أفاد تقرير تنفيذ الميزانية والتأطير الماكرو-اقتصادي للفترة ما بين 2023 و2025، بأن آفاق نمو الاقتصاد الوطني على المديين القصير والمتوسط تظل مواتية على الرغم من السياق المشحون بالعديد من التوترات، والذي أثر على سلاسل التوريد وأسواق السلع الأساسية.
وأكد التقرير، الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، أن تعافي الأنشطة المسجل خلال سنة 2021 سيتواصل في أفق سنة 2025، وهو ما سيسمح للاقتصاد الوطني بتعزيز توجهه طويل الأمد، مشيرا إلى أن نمو الناتج الداخلي الخام يتوقع أن يبلغ حوالي 4 في المئة كمعدل سنوي خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2023 و2025.
وأوضح التقرير أن الطلب على الاستهلاك النهائي من المتوقع أن يساهم بما قدره 1.9 نقطة مئوية في نمو الناتج الداخلي الخام خلال سنة 2023، وبما قدره 2.5 نقطة مئوية خلال سنتي د 2024 و2025. فيما سيساهم التكوين الخام للرأسمال الثابت بما قدره 1.1 نقطة مئوية خلال سنة 2023، وبما قدره 1.2 نقطة مئوية خلال سنة 2024 وسنة 2025.
أما في ما يتعلق بالتجارة الخارجية، فيتوقع أن تساهم في النمو بشكل إيجابي وأن تستقر حول نقطة واحدة في كل سنة. وفضلا عن ذلك، يتوقع أن تؤدي المعاملات الجارية المختلفة مع بقية العالم، إلى عجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات بنسبة 3.8 في المئة من الناتج الداخلي الخام خلال سنتي 2023 و2024 وبنسبة 3.5 في المئة خلال سنة 2025.
يشار إلى أن المغرب كان يأمل في تحقيق نمو بمعدل 3.2 بالمئة هذا العام، لكن “الظروف الخارجية المفاجئة والتحولات المناخية غير المستقرة أربكت هذه الفرضية”، وفق ما أوضح رئيس الحكومة عزيز أخنوش أمام البرلمان. وباتت تقديرات النمو تراوح بين 1,5 و1,7 بالمئة بحسب الحكومة، و1,1 بالمئة وفق صندوق النقد الدولي.
ورغم الجهود التي بذلها المغرب خلال السنوات الماضية لتطوير الصناعة واستقدام مصنعين عالميين في قطاع السيارات خصوصا، إلا أن هذا التطور لا يزال غير قادر على “إحـداث تغيير فـي البنية الاقتصادية”، وفق تقرير رسمي حول النموذج التنموي للمملكة. إذ لا يزال معدل النمو متأثرا بشكل كبير بنتائج الموسم الزراعي المرتبط بدوره بمستوى الأمطار الذي تراجع بنسبة 42 بالمئة مقارنة مع متوسط الثلاثين عاما الأخيرة.
بعدما بنت الحكومة توقعاتها للنمو الخريف الماضي على محصول من الحبوب يناهز 80 مليون قنطار، تراجعت التوقعات إلى 32 مليون قنطار بفعل شح المياه، وفق ما أعلنت وزارة الزراعة.
وعلى الرغم من تحسن صادرات الخضروات والفواكه، أدى التراجع في محصول الحبوب إلى خفض توقعات نمو القطاع الزراعي بنسبة 14 بالمئة، ما سيؤثر على نمو الاقتصاد إجمالا ب1,7- نقطة، بحسب المصدر نفسه.
-” ويوضح الخبير في القطاع الزراعي عبد الرحيم هندوف أنه سيكون لهذا التباطؤ “تأثير مباشر على التشغيل ومستوى الاستهلاك الذي سيتراجع خصوصا في البوادي”، مشيرا إلى أهمية القطاع “الذي لا يزال يمثل حوالى 14 بالمئة من الناتج الخام في الظروف المناخية العادية، ويشغّل نحو 35 بالمئة من السكان النشيطين”. ويضيف “هذا في حد ذاته مؤشر على أن اقتصادنا لا يزال هشا”.
بالإضافة إلى الجفاف، يتوقع أن يتأثر النمو الاقتصادي أيضا بتداعيات الحرب في أوكرانيا التي تضرّر منها المغرب نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة وبعض المنتجات المستوردة. علما أن مراقبين يشيرون أيضا إلى عوامل محلية، مثل المضاربات وشبهات هوامش أرباح كبيرة لشركات توزيع الوقود.
وبلغ معدل التضخم جراء تداعيات الأزمة 4,1 بالمئة إلى حدود نهاية نيسان/أبريل. ويتوقع استمرار ارتفاع الأسعار عموما هذا العام بمعدلات تفوق المتوسط المسجل خلال العقد الأخير، بحسب تقديرات رسمية.
ويوضح الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات رشيد أوراز أن “التضخم في ظل نمو اقتصادي ضعيف يؤدي إلى تضرر القدرة الشرائية لكل الفئات، وإذكاء الغضب الاجتماعي”. لكنه يرى أن “حدة الأزمة تبدو أقل مقارنة بفترات ماضية، بفضل تطور قطاعات الخدمات والصناعة”. ولمواجهة آثار هذه الأزمة، أُعلن في شباط/فبراير عن برنامج لدعم المزارعين قيمته حوالى مليار دولار.