يعود أسود الأطلس اليوم الإثنين إلى أرض الوطن بعد تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق في مونديال قطر لكرة القدم، ويستقبلهم المغرب بكامله استقبال الفائزين و… الأبطال.
منتخبنا الوطني لكرة القدم بقيادة المدرب الوطني المبدع وليد الرگراگي يتمركز اليوم ضمن الأربعة الكبار في العالم، وهذه مرتبة لم يسبقه إليها من قبل أي منتخب عربي أو إفريقي أو من بلدان الجنوب، وبذلك فرح الانتصار كان هذه المرة عابرا للحدود.
النصر الكروي المغربي فجر أفراحا مغربية والتفافا وطنيا وشعبيا حول العلم الوطني، ولكن أيضا بفضل ذلك انتشت الشعوب العربية والإفريقية وكل البلدان المستضعفة في العالم، وجميعها اعتبرت أنها بدورها تستطيع…، أي أن تفوز، وأن تبهر، وأن تفاجئ كل “الكبار”…
لقد جعل فريق وليد الرگراگي الجميع يحلم ويفرح، بل ويتأكد أن المغرب يستطيع هذه المرة الفوز بكأس العالم، وهذا فقط لوحده كاف لنسجل تاريخية المنجز وقوة الإبهار.
انتصارات منتخب كرة القدم جعلت حتى الرافضين للعبة الكرة أو المعادين للفرح والفرجة، لدواع مختلفة، يتراجعون، ويتحررون من تزمتهم ونكوصيتهم، ويشاركون الشعوب والجماهير فرحهم بالفوز الكروي المغربي، بل ويوجدون له مسوغات.
الفرح مستحق لشعبنا ولشعوب كثيرة ساندت فريقنا الوطني وأعحبت بلاعبينا ومدربنا، والفرح يليق بنا نحن أيضا، وكذلك التألق والإبداع الكرويين.
سيجتهد المختصون هذه الأيام في رصد التفاصيل التقنية والأدائية المتصلة بالمباريات ومستويات اللاعبين وخطط المدرب، وأيضا التحكيم، وخصوصا في مباريات فرنسا وكرواتيا، وكل هذا عاد وطبيعي ومطلوب لتطوير مستوياتنا الرياضية، وتذكر دروس وخلاصات المشاركة المونديالية، واستثمارها للمقبل من منافسات واستحقاقات.
ولكن بشكل عام، منتخبنا الوطني الحالي يستحق اليوم الإشادة والاعتزاز، وأن نستقبلهم استقبال الأبطال المتوجين، وأن نشكرهم على ما منحوه لنا من فرح وانتشاء.
وفي المقابل، لا يجب التعاطي بمنطق “الغفور الرحيم” مع سلوكات انتهازية، وتجاوزات تكاد تكون نصبا واحتيالا، ظهرت في محيط مشاركتنا بالمونديال، وخصوصا من لدن مسيرين كانوا ضمن البعثة المدبرة لشأن المنتخب.
هذه التجاوزات، التي تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تستدعي اليوم تحقيقا جديا ونزيها وصارما يفضي إلى قرارات فعلية لوقف العبث، ومعاقبة من تعمد الإساءة لصورة بلادنا، وذلك مهما كانت صفته ومسؤوليته.
من هنا سيبدأ التغيير، ومن هنا يجب أن يبدأ الوعي بإعمال دروس المونديال.
لا يمكن أن نقابل قتالية اللاعبين والمدرب بترك كمشة من الانتهازيين وتجار الريع يفلتون من المحاسبة ويغنمون بما جنوه من تذاكر المونديال نصبا واحتيالا.
الإنجاز التاريخي الكبير لفريقنا الوطني في مونديال الدوحة يفرض استثماره لتطوير كامل منظومة ممارسة كرة القدم في بلادنا، ويفرض أيضا التفكير في واقع ومستقبل إعلامنا الرياضي الوطني (تلفزيون وصحافة مكتوبة وإلكترونية…)، وذلك بفتح حوار عميق مع الهيئات الوطنية ذات الصلة، وذلك لتوفير كل شروط مواكبة التطلع الوطني العام للتتويج والتميز في كرة القدم وفي الرياضات الأخرى.
لقد منحنا المنتخب الوطني اليوم عناوين خارطة طريق لبناء المستقبل، كما منحنا أيضا دروسا وقيما بالإمكان استثمارها واستيعاب دلالاتها في باقي مجالات بناء الوطن وتنميته وتقدمه.
حب الوطن والغيرة عليه والجدية والإخلاص والقتالية والتضحية من أجل خدمته وإعلاء صوته وصورته وعلمه، هذه هي الخصال الواجب اليوم التمسك بها في كل المجالات.
شكرا إذن لفريق وليد الرگراگي على الفرح، وعلى القيم والدروس…
اللاعبون والمدرب أبهروا الجميع بثقتهم في أنفسهم وتصميمهم على التنافس القوي وعلى الفوز، ونجحوا أن يكونوا أبطالا…
أنتم الأسود…
أنتم الأبطال…
شكرا لكم كلكم…
<محتات الرقاص